منحة العلام في شرح بلوغ المرام

Abdullah bin Saleh Al Fawzan d. Unknown
95

منحة العلام في شرح بلوغ المرام

منحة العلام في شرح بلوغ المرام

Editorial

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ

Géneros

فنسي عوف - ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي ﷺ إذا نام لم يُوقظ حتى يكون هو يستيقظ؛ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس - وكان رجلًا جليدًا - فكبَّر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي ﷺ، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: «لا ضير - أو لا يضر - ارتحلوا»، فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل، فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة، فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذ هو برجل معتزل لم يصلِّ مع القوم، قال: «ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟» قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: «عليك بالصعيد، فإنه يكفيك»، ثم سار النبي ﷺ فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل، فدعا فلانًا - كان يسميه أبو رجاء، نسيه عوف - ودعا عليًا، فقال: اذهبا فابتغيا الماء، فانطلقا فتلقيا امرأة بين مَزادتين - أو سطيحتين - من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمسِ هذه الساعة، ونَفَرْنا خلوفًا، قالا لها: انطلقي إذًا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله ﷺ، قالت: الذي يقال له: الصابئ، قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي ﷺ وحدثاه الحديث، قال: «فاستنزِلوها عن بعيرها»، ودعا النبي ﷺ بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين - أو السطيحتين - وأوكأ أفواههما، وأطلق العَزَالى (^١)، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وكان اخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: «اذهب فأفرغه عليك»، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وايم الله لقد أُقْلِعَ عنها، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد مِلأةً منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي ﷺ: «اجمعوا لها»، فجمعوا لها - من بين عجوة ودقيق وسويقة - حتى جمعوا لها طعامًا، فجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: «تعلمين ما رزئنا من مائك شيئًا، ولكن الله هو

(^١) بفتح العين والزاي، واللام يجوز كسرها وفتحها، جمع عزلاء، وهي مصبُّ الماء من الراوية، ولكل مزادة عزلاوان أسفلها. "فتح الباري" (١/ ٤٥٢).

1 / 99