منحة العلام في شرح بلوغ المرام
منحة العلام في شرح بلوغ المرام
Editorial
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
Géneros
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله: (إذا وقع الذباب) هو بضم المعجمة، مفرد، وجمعه أذِبَّة وذِبَّان، كغراب وأغربة وغربان (^١).
قال الدَّميري: (الذباب عند العرب يطلق على الزنابير والنحل والبعوض بأنواعه، كالبق، والبراغيث والقمل والصُّؤاب والناموس والفَرَاش، والنمل، والذباب المعروف عند الإطلاق العرفي) (^٢)، ولعل الأخير هو المراد بهذا الحديث، وسمي ذبابًا لكثرة حركته واضطرابه.
قوله: (في شراب أحدكم) هذا لفظ البخاري في كتاب «بدء الخلق» ولفظه في «الطب» «في إناء أحدكم»، وفي حديث أبي سعيد - كما تقدم ـ: «إذا وقع في الطعام» والتعبير بالإناء أشمل (^٣)، لكن يظهر أن الحافظ اختار رواية (شراب) لمناسبتها لباب المياه، والله أعلم.
قوله: (فليغمسه) أي: في الطعام أو الشراب، كما في حديث أبي سعيد - المتقدم - ولفظه: «إن أحد جناحي الذباب سُمٌّ، والآخر شفاء، فإذا وقع في الطعام فامقلوه، فإنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء».
والأمر بغمسه ليخرج الشفاء كما خرج الداء، فأمر النبي ﷺ أن تقابل تلك المادة السُّمِّية بما أودعه الله فيه من الشفاء في جناحه الآخر بغمسه كله، فتقابل المادةَ السميةَ المادةُ النافعةُ فيزول ضررها - بإذن الله تعالى - وهذا نصَّ عليه حذاق الأطباء قديمًا، كما ذكر ابن القيم والحافظ ابن حجر وغيرهما، وأثبت ذلك الاكتشافات العلمية الحديثة - كما سيأتي إن شاء الله ـ.
وهذا أمر إرشاد لا أمر إيجاب، وفي رواية للبخاري في «الطب» «فليغمسه كلَّه» وذلك لدفع توهم المجاز في الاكتفاء بغمس بعضه.
قوله: (فإن في أحد جناحيه داء ..) تعليل للأمر بغمسه، وفي حديث
_________
(^١) "الصحاح" (١/ ١٢٦).
(^٢) "حياة الحيوان الكبرى" (١/ ٣٥٢).
(^٣) "فتح الباري" (١٠/ ٢٥٠).
1 / 72