منحة العلام في شرح بلوغ المرام
منحة العلام في شرح بلوغ المرام
Editorial
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
Géneros
ولعل الحافظ اقتصر على رواية مسلم؛ لأنها أتمُّ من رواية البخاري، حيث لم يُذكر فيها التراب، وإلا فالحديث أصله في الصحيحين، ولفظه: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات»، زاد مسلم: «أولاهن بالتراب» وله شاهد من حديث عبد الله بن مغفل ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفّروه الثامنة بالتراب» أخرجه مسلم (٢٨٠) (٩٣).
وأخرجه الترمذي برقم (٩١) من طريق أيوب، عن ابن سيرين، به، ولفظه: «يُغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات، أُولاهن أو أخراهن بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة»، وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).
الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله: (طهور إناء أحدكم) بضم الطاء، ويجوز فتحها؛ أي: مطهِّر، وهو مبتدأ، خبره المصدر المؤول في قوله: «أن يغسله» أي: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب غَسْلُهُ سبع مرات.
قوله: (إذا ولغ فيه الكلب) يقال: وَلَغَ الكلب يلَغُ، بفتح اللام فيهما، ولَغًا وولوغًا، وحُكي في المضارع كسر اللام: إذا شرب أو أدخل طرف لسانه وحركه، وفي رواية لمسلم: «إذا شرب»، و(أل) في الكلب للاستغراق، فيشمل جميع أنواع الكلاب على ما رجحه أبو عبيد (^١)؛ لأنه صيغة عموم، فلا يجوز تخصيصها إلا بمخصص من الشارع، وعليه فلا فرق بين الكلب المأذون فيه، ككلب الصيد وحراسة الماشية والزرع، وغير المأذون فيه، وهو ما عداها (^٢).
قوله: (سبع مرات) منصوب على أنه مفعول مطلق نائب عن المصدر، والأصل فليغسله مراتٍ سبعًا؛ أي: غسلًا سبعًا، كقوله تعالى: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾ [النور: ٤].
قوله: (أولاهن بالتراب) صفة لسبع مرات، والباء في قوله: (بالتراب) للمصاحبة؛ أي: مع التراب.
_________
(^١) انظر: "الطهور" ص (٢٧٠).
(^٢) في هذه المسألة بحث سيأتي -إن شاء الله- في أول كتاب "الصيد".
1 / 53