167

الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة

Editorial

مطبعة سفير

Ubicación del editor

الرياض

Géneros

ترى يا ابن الخطاب؟» قال: قلت: لا واللَّه يا رسول اللَّه ما أرى الذي رأى أبو بكرٍ، ولكني أرى أن تُمكِّنَّا فنضرب أعناقهم، فتُمكِّن عليًا من عقيلٍ فيضربُ عُنقه، وتُمكِّنِّي من فلانٍ - نسيبًا لعمر - فأضربَ عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدُها، فَهَوِيَ رسولُ اللَّه ﷺ ما قال أبو بكرٍ، ولم يَهْوَ ما قُلْتُ، ولَمّا كان مِنَ الغَدِ جئتُ فإذا رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول اللَّه! أخبرني من أيّ شيءٍ تبكي أنت وصاحبُك؟ فإن وجدتُ بُكاءً بكيت، وإن لم أجد بُكاءً تباكيتُ لبكائكما؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «أبكي للذي عرض عليَّ أصحابُك من أخذهم الفداء، لقد عُرِضَ عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة» شجرةٍ قريبةٍ من نبيّ اللَّه ﷺ، وأنزل اللَّه ﷿: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ (١) فِي الْأَرْضِ إلى قوله: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ (٢)، فأحلّ اللَّه الغنيمة لهم) (٣).
١٦ - بكى النبيُّ ﷺ شفقة على أمته، فعن عبد اللَّه بن عمرو ﵄: أنّ النبيَّ ﷺ تلا قول اللَّه ﷿ في إبراهيم: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ (٤) الآية، وقال عيسى ﵇: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (٥) الآية، فرفع يديه وقال: «اللَّهم أُمّتي أُمّتي» وبكى، فقال اللَّه ﷿: «يا

(١) يثخن في الأرض: يُكثر القتل والقهر في العدوِّ. شرح النووي ١٢/ ٨٧.
(٢) سورة الأنفال، الآيات: ٦٧ – ٦٩.
(٣) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، وإباحة الغنائم، برقم ١٧٦٣.
(٤) سورة إبراهيم، الآية: ٣٦.
(٥) سورة المائدة، الآية: ١١٨.

1 / 169