الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
Editorial
مطبعة سفير
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
الجمل؟» فجاء فتىً من الأنصارِ فقال: لي يا رسول اللَّه، فقال: «أفلا تتقي اللَّه في هذه البهيمةِ التي ملَّكَكَ اللَّه إيَّاها؛ فإنه شكا إليَّ أنَّك تُجيعه وتُدئبُهُ» (١). (٢)
وهذه نماذج يسيرة من أنواع رحمة النبي ﷺ؛ لأعدائه، وأحبابه، والمسلم، والكافر، والذكر والأنثى، والصغير، والكبير، والإنس، والحيوان، والطير، والنمل، وغير ذلك كثير لا يحصر في مثل هذا المقام. فصلوات اللَّه وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار.
النوع الثالث عشر: رقة قلبه ﷺ وبُكاؤه في مواطن كثيرة:
لم يكن النبي ﷺ يبكي بشهيقٍ ورفع صوتٍ، كما لم يكن ضحكه قهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تَهمُلا ويُسْمَعُ لصدره أزيز، وكان بكاؤُه تارة رحمة للميت، وتارة خوفًا على أمته وشفقة عليها، وتارة من خشية اللَّه تعالى، وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياقٍ ومحبةٍ وإجلالٍ (٣).
ومن الحالات التي بكى فيها النبي ﷺ ما يأتي:
١ - بكاؤه ﷺ من خشية اللَّه في صلاة الليل، فقال بلال: يا رسول اللَّه لِمَ تبكي وقد غفر اللَّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر، قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا، لقد نزلت عليّ الليلة آية ويل لمن قرأها
(١) تُدْئِبُهُ: بضم التاء ودال مهملة ساكنة، بعدها همزة مكسورة، وباء موحدة: أي تتعبه بكثرة العمل. [الترغيب والترهيب للمنذري، ٣/ ١٥٧].
(٢) أحمد، ١/ ٢٠٥، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ، برقم ٢٥٤٩، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ١١٠.
(٣) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، ١/ ١٨٣.
1 / 163