الكتاب في الصلاة فالمخالف لهم يدخل تحت الوعيد لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ ١ الآية.
الجواب عنه: إنما لم نترك الفاتحة قصدا في الصلاة لأنها واجبة عندنا وترك الواجب قصدا لا يجوز فلا نكون مخالفين ولكن الكلام في كونها ركنا أو غير ركن ودليلكم لم يدل على كونها ركنا على أنا نعارضه بالمثل بأن نقول إن أهل الشرق والغرب كلهم يسبحون في الركوع والسجود فيقتضي أن تكون تسبيحات الركوع والسجود ركنا والمخالف لهم يدخل تحت هذا الوعيد فكل جواب للخصم في تلك الصورة فهو جواب لنا في هذه على أنه قد عرف بأنه قيل إن المراد بسبيل المؤمنين الإيمان فاتباع غير سبيل المؤمنين الكفر فيكون الوعيد للكفار لا لمن ترك الفاتحة في الصلاة والشافعي ﵀ استدل به على كون الإجماع حجة وما سلم له الإستدلال به على ذلك فكيف نسلم استدلال الرازي به على كون الفاتحة ركنا في الصلاة وهو يعلم بضعف هذه الأدلة ولعل غرضه ترويج مذهبه على المقلدين فإنه يعلم قطعا أن كل شيء يفعله جميع المسلمين في الصلاة لا يقتضي أن يكون ركنا فيها.
الخامس: أن قوله تعالى: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ ٢ في الحقيقة حجة للشافعي ﵀ تقريره أن الخطاب بقوله فاقرؤوا متوجه إلى جميع الأمة فما تيسر لجميع الأمة يكون مراده به وقراءة الفاتحة متيسرة لهم فعلم أن هذا دليل ظاهر على أن الفاتحة ركن في الصلاة.
الجواب عنه: أن قول: ﴿مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ أعم من أن يكون فاتحة الكتاب أو غير ذلك كسورة الإخلاص والكوثر والعصر وغيرها كما أن الفاتحة متيسرة لهم فكذلك سورة الإخلاص فتعيين الفاتحة بالإرادة من الآية دون
_________
١سورة النساء: الآية ١١٥
٢سورة المزمل: الآية ٢٠
1 / 40