هذا فعلمني فقال: "إذا قمت في الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع" إلى آخر الحديث فلو كان قراءة الفاتحة ركنا لعلمه النبي ﷺ لأنه كان في معرض بيان الأركان وتعليمها فدل على أن الركن مطلق القراءة:
الثالث: ما روى عن أبي هريرة ﵁ قال: قال: لي رسول الله ﷺ: "أخرج فناد في المدينة لا صلاة إلا بالقرآن ولو بفاتحة الكتاب".
حجة الشافعي ﵀ من وجوه:
الأول: أن النبي ﷺ في مدة ثلاث وعشرين سنة صلى وقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته فيجب متابعته على جميع الناس لقوله تعالى: ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ ١ فظهر أنه لا تجوز الصلاة بدون الفاتحة إذ لو كانت الصلاة جائزة بدونها لكان النبي ﷺ يتركها مرة فإذا لم يتركها مرة علم أن الصلاة بدونها لا تجوز.
الجواب عنه: ما مر أن المواظبة تدل على الوجوب دون الركنية ونحن نقول بموجبه فإن الفاتحة عندنا واجبة ولا يلزم من كونها واجبة أن تبطل الصلاة بتركها وإذا لم يتركها النبي ﷺ لكونها واجبة وتركه الواجب قصدا لا يجوز فنحن نقول بالإجماع على الصفة التي أتى أتى بها.
الثاني: أن النبي ﷺ قال: "يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال: العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال: الرحمن الرحيم يقول الله تعالى مجدني عبدي وإذا قال: مالك يوم الدين يقول الله تعالى أثنى علي عبدي وفوض أمره إلي فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين إلى آخر السورة يقول الله تعالى هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل" المقصود من هذا الخبر أن الله تعالى قال: قسمت الصلاة نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي وهذه القسمة بناء على قراءة الفاتحة
_________
١سورة الأنعام: الآية ١٥٣
1 / 38