ابن عدي بن محارب كان سيد الأزد وهو الذي أجار عبيد الله بن زياد أخا المهلب بن أبي صفرة لأمه أيام الفتنة، وقتله بنو تميم، وذلك أنه لما مات يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد بالبصرة كتب إليه الحارث بن عباد بن زياد بهذه الأبيات:
ألا يا عبيد الله قد مات من به
ملكت رقاب العالمين يزيد
أتثبت للقوم الذين وترتهم
وذاك من الرأي الزنيق بعيد
وما لك غير الأزد جار فإنهم
أجاروا أباك والبلاد تميد
فتعجب عبيد الله من رأي ابن أخيه ودعا بمولى له يسمى مهران فقال: يا مهران إن أمير المؤمنين يزيد قد هلك فما الرأي عندك؟ فقال مهران: أيها الأمير إن الناس إن ملكوا أنفسهم لم يولوا عليهم أحدا من ولد زياد وإنما ملكتم الناس بمعاوية ثم بيزيد وقد هلكا، وإنك قد وترت الناس ولست آمن أن يثبوا بك، والرأي لك أن تستجير هذا الحي من الأزد؛ فإنهم إن أجاروك منعوك حتى يبلغوا بك مأمنك، والرأي أن تبعث إلى الحارث بن قيس فإنه سيد القوم وهو لك محب ولك عنده يد فتخبره بموت يزيد وتسأله أن يجيرك؛ ثم بعث عبيد الله من ساعته إلى الحارث بن قيس فأتاه فاستشاره فقال: المستشار مؤتمن، فإن أردت المقام منعناك معاشر الأزد وإن أردت الاستخفاء اشتملنا عليك حتى يسكن عنك الطلب ويخفى على الناس موضعك ثم نوجه معك من يبلغك مأمنك، فقال عبيد الله: هذا أريد، فأقام الحارث عنده إلى أن أمسي واختلط الظلام، وكان الحارث قد أمر عبيد الله بن زياد بأن توقد السرج في منزله ليلته كلها؛ ليظن من يطلبه أنه في منزله، وانطلق ابن الحارث إلى الحي وسارا حتى انتهيا إلى الأزد وأقحم الحارث بعبيد الله دار مسعود بن عمرو، وكان رئيس الأزد كلها بعد المهلب بن أبي صفرة وكان المهلب في ذلك الوقت بخراسان، فقال الحارث لمسعود: يا ابن عم هذا عبيد الله بن زياد قد أجرته عليك وعلى قومك، قال مسعود: أهلكت قومك يا ابن قيس وعرضتنا لحرب جميع أهل البصرة، ولما خرج عبيد الله بن زياد من البصرة شاع بها أن عبيد الله كان عند الأزد، فأقبل رجل من الخوارج ليلا فجلس لمسعود بن عمرو فلما خرج لصلاة الفجر وثبت عليه بسكين فقتله، فاجتمعت الأزد وقالوا: والله ما قتله إلا بنو تميم ولنقتلن سيدهم الأحنف بن قيس، فقال الأحنف لقومه: إن الأزد قد اتهموكم في قتل صاحبهم وقد استغنوا بالظن عن اليقين، ولا بد من غرم عقله، فجمعوا ألف ناقة ووجهوا بها إلى الأزد وكانت دية الملوك فرضيت الأزد وكفوا، وكان قتل مسعود بن عمرو في أول شوال سنة أربع وستين، ولما علم عبيد الله بن زياد بقتل مسعود ركب ولحق بالشام، وقيل: إنه لما استجار عبيد الله بن زياد بمسعود بن عمرو أجاره ثم سار ابن زياد إلى الشام وأرسل معه مسعود مائة من الأزد حتى قدموا به إلى الشام. •••
كان رجل من طي يقطع الطريق فمات وترك بنيا رضيعا فجعلت أمه ترقصه وتقول:
144
Página desconocida