وهم المستهزئون كأبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب، والأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف وهو ابن خال النبي، والحارث بن قيس بن عدي السهمي، والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم، وأمية وأبي ابني خلف وكانا من أشر الناس على النبي، وعقبة بن أبي معيط، والعاص بن وائل السهمي والد عمرو بن العاص، والنضر بن الحارث بن كلدة وهو ابن خالة النبي وكان أشر قريش في تكذيب النبي، وأبي جهل بن هشام المخزومي، وغيرهم جماعة كثيرة من قريش كانوا من المستهزئين الشديدي الأذى لرسول الله
صلى الله عليه وسلم .
ولما رأى رسول الله ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية لمكانه من الله عز وجل وعمه أبي طالب وأنه لا يقدر أن يمنعهم قال لهم : «لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم أحد عنده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه.» فخرج المسلمون إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله تعالى بدينهم، فكانت أول هجرة في الإسلام؛ فخرج عثمان بن عفان وزوجته رقية ابنة النبي
صلى الله عليه وسلم
معه، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وامرأته معه سهلة بنت سهيل، والزبير بن العوام، وغيرهم تمام عشرة رجال، وكان مسيرهم في رجب سنة خمس من النبوة، وهي السنة الثانية من إظهار الدعوة، فأقاموا شعبان وشهر رمضان، وقدموا في شوال سنة خمس من النبوة.
وتوفي أبو طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين؛ توفي أبو طالب في شوال وعمره بضع وثمانون سنة، وماتت خديجة قبله بخمسة وثمانين يوما، وقيل كان بينهما خمسة وعشرون يوما؛ فعظمت المصيبة على رسول الله بموتهما.
وفي السنة الأولى من الهجرة بعد وفاة خديجة تزوج النبي
صلى الله عليه وسلم
سودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، وبنى بها بعد مقدمه المدينة بثمانية شهور، ثم تزوج حفصة في السنة الثالثة من الهجرة، وأم حبيبة وأم سلمة تزوجهما في السنة الرابعة من الهجرة، وزينب بنت جحش في السنة الخامسة، وميمونة وجويرية وصفية، فهؤلاء التسع توفي عنهن.
كان رسول الله يعرض نفسه في المواسم على قبائل العرب فكانوا يردونه، وكان عمه أبو لهب يتبعه ويفسد عليه سعيه، وتتابع أصحاب رسول الله إليه وهو بمكة ينتظر من الله ما يؤمر به، وتخلف معه علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق، فتآمر العرب عليه فاجتمعوا في دار الندوة، وهي دار قصي بن كلاب وتشاوروا فيها، وكانوا عتبة وشيبة وأبو سفيان وطعيمة بن عدي وحبيب بن مطعم والحارث بن عامر والنضر بن الحارث وأبو جهل وغيرهم، وأرادوا قتله، فأتى جبريل النبي
Página desconocida