Alimento de los corazones en la explicación de la versificación de las costumbres
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Editorial
مؤسسة قرطبة
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1414 AH
Ubicación del editor
مصر
Géneros
Sufismo
أَنْكَى) أَيْ أَشَدُّ نِكَايَةً. قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ: نَكَيْت فِي الْعَدُوِّ نِكَايَةً إذَا قَتَلَ فِيهِمْ وَجَرَحَ. يَعْنِي أَنَّ إرْسَالَ الطَّرْفِ أَشَدُّ نِكَايَةً مِنْ حَصْدِ اللِّسَانِ، فَيَكُبُّ صَاحِبَهُ فِي قَعْرِ النِّيرَانِ، إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ إلَيْهِ مِنْ الْجَوَارِي وَالْغِلْمَانِ. وَلِذَا قَالَ (فَقَيِّدِ) أَيْ احْبِسْهُ وَلَا تُرْسِلْهُ وَتَتْرُكْهُ مُهْمَلًا فَإِنَّهُ يُورِدُك مَوَارِدَ الْعَطَبِ، وَيَتْرُكُ بِهِ الْوَصَبَ وَالنَّصَبَ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ ذِكْرَ اللِّسَانِ وَأَتْبَعَهُ بِالْبَصَرِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالدُّنُوِّ مِنْ الْقَلْبِ كَمَا أَشَرْنَا إلَى ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَعَاصِي إنَّمَا تَتَوَلَّدُ مِنْ فُضُولِ الْكَلَامِ وَإِرْسَالِ النَّظَرِ وَهُمَا أَوْسَعُ مَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ جَارِحَتَهُمَا لَا تُمْلَآنِ بِخِلَافِ الْبَطْنِ فَإِنَّهُ مَتَى امْتَلَأَ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِي الطَّعَامِ إرَادَةٌ.
وَأَمَّا الْعَيْنُ وَاللِّسَانُ فَلَوْ تُرِكَا لَمْ يَفْتُرَا مِنْ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ أَبَدًا، كَمَا قِيلَ: أَرْبَعٌ لَا تَشْبَعُ مِنْ أَرْبَعٍ: عَيْنٌ مِنْ نَظَرٍ، وَأُذُنٌ مَنْ خَبَرٍ، وَأَرْضٌ مِنْ مَطَرٍ، وَأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: عَالِمٌ مِنْ أَثَرٍ.
ثُمَّ إنَّ فُضُولَ النَّظَرِ هُوَ أَصْلُ الْبَلَاءِ لِأَنَّهُ رَسُولُ الْفَرْجِ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
وَطَرْفُ الْفَتَى يَا صَاحِ رَائِدُ فَرْجِهِ ... وَمُتْعِبُهُ فَاغْضُضْهُ مَا اسْطَعْتَ تَهْتَدِ
(وَطَرْفُ الْفَتَى) أَيْ بَصَرُهُ وَنَظَرُهُ (يَا صَاحِ) مُرَخَّمُ صَاحِبٍ وَتَرْخِيمُهُ شَاذٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ نِدَاؤُهُ وَاسْتَفَاضَ تَدَاوُلُهُ سَاغَ تَرْخِيمُهُ، إذْ الْإِنْسَانُ لَا يَنْفَكُّ فِي سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ مِنْ صَاحِبٍ يُعِينُهُ فَيُنَادِيهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (رَائِدُ) أَيْ رَسُولُ (فَرْجِهِ) أَيْ فَرْجِ الْفَتَى وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ الرَّوْدِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الرَّائِدُ الْمُرْسَلُ فِي طَلَبِ الْكَلَإِ. انْتَهَى.
وَفِي الْحَدِيثِ «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ. ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ الْبِشَارَةِ الْعُظْمَى فِي أَنَّ حَظَّ الْمُؤْمِنِ مِنْ النَّارِ الْحُمَّى. وَالْفَرْجُ الْعَوْرَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
وَقَالَ الْحَجَّاوِيُّ فِي لُغَةِ إقْنَاعِهِ: وَالْفَرْجُ مِنْ الْإِنْسَانِ يُطْلَقُ عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِجٌ أَيْ مُنْفَتِحٌ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ عُرْفًا فِي الْقُبُلِ (وَ) طَرْفُ الْفَتَى (مُتْعِبُهُ) أَيْ سَبَبُ تَعَبِهِ وَسَلْبِهِ الِاسْتِرَاحَةَ مَتَى أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَغْضُضْهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (فَاغْضُضْهُ) أَيْ اخْفِضْهُ وَاحْتَمِلْ الْمَكْرُوهَ مِنْهُ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: غَضَّ
1 / 81