Alimento de los corazones en la explicación de la versificación de las costumbres

Muhammad ibn Ahmad al-Saffarini d. 1188 AH
62

Alimento de los corazones en la explicación de la versificación de las costumbres

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Editorial

مؤسسة قرطبة

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

مصر

Géneros

Sufismo
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا «إنَّك لَنْ تَزَالَ سَالِمًا مَا سَكَتَّ، فَإِذَا تَكَلَّمْت كُتِبَ لَك أَوْ عَلَيْك» . وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «مَنْ صَمَتَ نَجَا» . وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ سَمِعْت النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ «إنَّ الرَّجُلَ لَيَدْنُو مِنْ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فَيَتَبَاعَدُ مِنْهَا أَبْعَدَ مِنْ صَنْعَاءَ» . وَخَرَّجَ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ مَرْفُوعًا «إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» . وَقَالَ ﷺ «كَلَامُ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ إلَّا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَذِكْرَ اللَّهِ ﷿» . إذَا عَلِمْت مَا ذَكَرْنَا، وَفَهِمْت مَضْمُونَ مَا حَرَّرْنَا، تَيَقَّنْت عِظَمَ شَأْنِ اللِّسَانِ. وَمَا يَعُودُ بِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ. وَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى آفَاتِ اللِّسَانِ وَشُئُونِهِ فِي مَقَامَاتٍ. مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ (الْمَقَامُ الْأَوَّلُ) فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْهَا الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي، وَمَعْنَى الَّذِي لَا يَعْنِيهِ لَا تَتَعَلَّقُ عِنَايَتُهُ بِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ مَقْصَدِهِ وَمَطْلُوبِهِ. وَالْعِنَايَةُ شِدَّةُ الِاهْتِمَامِ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ عَنَاهُ يَعْنِيهِ اهْتَمَّ بِهِ وَطَلَبَهُ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُ مَا لَا عِنَايَةَ لَهُ وَلَا إرَادَةَ بِحُكْمِ الْهَوَى وَطَلَبِ النَّفْسِ بَلْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَالْإِسْلَامِ وَلِذَا جَعَلَهُ مِنْ حُسْنِ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا حَسُنَ إسْلَامُ الْمَرْءِ تَرَكَ مَا لَا يَعْنِيهِ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَقْتَضِي فِعْلَ الْوَاجِبَاتِ، وَكَذَا يَنْدُبُ إلَى فِعْلِ الْمَنْدُوبَاتِ. فَالْمُرَادُ بِتَرْكِهِ مَا لَا يَعْنِي مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُشْتَبِهَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَفُضُولِ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، فَإِنَّ

1 / 69