204

Alimento de los corazones en la explicación de la versificación de las costumbres

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Editorial

مؤسسة قرطبة

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1414 AH

Ubicación del editor

مصر

Géneros

Sufismo
الرَّفِيعَةِ، الْمُمْتَثِلُ لِأَوَامِرِهَا السَّدِيدَةِ الْمَنِيعَةِ، الْمُزْدَجِرُ عَنْ زَوَاجِرِهَا الشَّدِيدَةِ الْفَظِيعَةِ. (بِالْمَعْرُوفِ) وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ وَالْإِحْسَانِ إلَى النَّاسِ بِكُلِّ مَا نَدَبَ إلَيْهِ الشَّرْعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنْ الْمُحَسَّنَاتِ وَالْمُقَبَّحَاتِ، وَهُوَ مِنْ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ، أَيْ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ إذَا رَأَوْهُ لَا يُنْكِرُونَهُ. وَالْمَعْرُوفُ النَّصَفُ وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ النَّاسِ، وَالْمُنْكَرُ ضِدُّ ذَلِكَ جَمِيعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ «أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ» أَيْ مَنْ بَذَلَ مَعْرُوفَهُ لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا آتَاهُ اللَّهُ جَزَاءَ مَعْرُوفِهِ فِي الْآخِرَةِ. وَقِيلَ أَرَادَ مَنْ بَذَلَ جَاهَهُ لِأَصْحَابِ الْجَرَائِمِ الَّتِي لَا تَبْلُغُ الْحُدُودَ فَيَشْفَعُ فِيهِمْ شَفَّعَهُ اللَّهُ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ فِي الْآخِرَةِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ مَا مَعْنَاهُ قَالَ: يَأْتِي أَصْحَابُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُغْفَرُ لَهُمْ بِمَعْرُوفِهِمْ وَتَبْقَى حَسَنَاتُهُمْ جَامَّةً فَيُعْطُونَهَا لِمَنْ زَادَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ فَيُغْفَرُ لَهُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَيَجْتَمِعُ لَهُمْ الْإِحْسَانُ إلَى النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَالنَّهْيُ) وَهُوَ ضِدُّ الْأَمْرِ. فَمِنْ صِيَغِ الْأَمْرِ: أَقِمْ الصَّلَاةَ، صُمْ رَمَضَانَ، اسْتَعْمِلْ الْخَيْرَاتِ، أَدِّ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ. وَمِنْ صِيَغِ النَّهْيِ: لَا تَشْرَبْ الْخَمْرَ، لَا تَقْتُلْ النَّفْسَ، لَا تَزْنِ، لَا تَلُطْ، لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، لَا تُطْلِقْ بَصَرَك فِي حَرَمِ الْمُسْلِمِينَ، إلَى مَا لَا نِهَايَةَ (يَا فَتَى) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الشَّابُّ وَالسَّخِيُّ الْكَرِيمُ جَمْعُهُ فِتْيَانٌ وَفُتُوَّةٌ (عَنْ) مُقَارَنَةِ الشَّيْءِ (الْمُنْكَرِ) ضِدُّ الْمَعْرُوفِ (اجْعَلْ) أَيْ اعْتَقِدْ وَاِتَّخِذْ (فَرْضَ عَيْنٍ) أَيْ لَازِمٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ وَالْفَرْضُ فِي اللُّغَةِ التَّقْدِيرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] وَالتَّأْثِيرُ كَفَرْضِ الْحَبْلُ الْحَجَرَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفَرْضُ الْحَزُّ فِي الشَّيْءِ كَالْقَوْسِ مَوْقِعَ الْوَتَرِ. وَالْإِلْزَامُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ [النور: ١] أَيْ أَوْجَبْنَا الْعَمَلَ بِهَا. وَالْإِنْزَالُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ﴾ [القصص: ٨٥] أَيْ أَنْزَلَهُ عَلَيْك. وَفِي الشَّرْعِ يُرَادِفُ الْوَاجِبَ، فَهُوَ مَا يُذَمُّ شَرْعًا تَارِكُهُ قَصْدًا مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ مَعَ جَزْمٍ. ثُمَّ هُوَ قِسْمَانِ فَرْضُ عَيْنٍ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَسْقُطُ

1 / 211