شرع الله جهاد الأعداء، فبعث ﵇ البعوث والسرايا١ التي انطلقت في كلّ اتجاه تدك حصون الباغين، وتشيع الرعب في قلوب المشركين، وكان هدفها جميعًا هو إخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان واليقين، ومن عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد الواحد القهار، المتفرّد بصفات الكمال، حتى ضرب الإسلام بجرانه٢ في أرض الجزيرة العربية، وأصبحت دار أمن وأمان ونور وسلام بعد القضاء على قوى الشرك والكفر فيها، التي كانت تمنع الناس من حرية العقيدة، وتقف حجر عثرة في سبيل نشر العقيدة الصحيحة، عقيدة التوحيد الصافية.
فلمّا تمَّ للمسلمين ذلك الأمر، تطلعوا إلى أقرب المناطق للجزيرة، فإذا هي أرض الشام، أرض المحشر، المنفذ الشمالي الواسع للجزيرة العربية، فانتقل النبي ﷺ بالسرايا والبعوث إلى هذه المنطقة تمهيدًا لنشر الإسلام، رسالة الله الخالدة إلى كافّة البشر.
وأرأرض الشام ليست أرضًا غريبةً على الإسلام، بل هي مهد الرسالات السماوية، وأرض المحشر، باعتبار أنّ الأنبياء جميعًا دعواهم واحدة هي الإسلام، قال الله ﵎ في سبيل تقرير هذه الحقيقة الواضحة: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْكَ وَمَا