باب: البسملة (١)
لا خلاف بينهم في أن القارئ إذا افتتح قراءته بأول سورة غير براءة أنه يبسمل، وسواء كان ابتداؤه عن قطع أو وقف، وربما يظن بعضهم أن الابتداء لا يكون إلا بعد قطع، وليس كذلك، والمراد بالقطع عند المحققين ترك القراءة رأسا بأن تكون نية القارئ ترك القراءة والانتقال منها لأمر آخر وبالوقف قطع الصوت عن الكلمة زمانا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة، وكثير من المتقدمين يطلقون القطع على الوقف ويأتي مثله في كلامنا في باب التكبير إن شاء الله تعالى، وكذلك الفاتحة، ولو وصلت بغيرها من السور؛ لأنها وإن وصلت لفظا فهي مبتدأ بها حكما واختلفوا في إثباتها بين السورتين سواء كانتا مرتبتين أو غير مرتبتين فأثبتها قالون والمكي وعاصم وعلي وحذفها حمزة ووصل السورتين، واختلف عن ورش والبصري والشامي فقطع لهم بعض أهل الأداء بتركها وبعضهم بإثباتها وهو المأخوذ به عندي تبعا لأبي شامة والقسطلاني من قوله:
وفيها خلاف جيده واضح الطلا (٢) ومعنى البيت ولا نص لهم أي لذوي كاف كل وجيم جلاياه، وحاء حصلا الشامي وورش والبصري في التخيير بين السكت والوصل المدلول عليه بالواو التي بمعنى أو في البيت قبله وارتدع وانزجر أن تنسب للعلماء شيئا لم ينقل عنهم ويحتمل أن تكون كلا هنا حرف جواب بمنزلة نعم فيكون تصديقا للمنفي بلا الجنسية المحذوف خبرها، وقد جوز فيها هذا
_________
(١) صيغة البسملة كما هو وارد في القرآن الكريم هو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*، وهي آية من السبع المثاني (الفاتحة) وهي الآية الأولى، وهي جزء من آية من سورة النمل، قال تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الآية رقم (٣٠)، وللبسملة بين السورتين حالات ثلاث جائزة، وهي الوصل والقطع، والوصل بأول السورة، ويمتنع وصل البسملة بآخر السورة وقطعها عن أول السورة الثانية.
(٢) قال الشاطبي:
ووصلك بين السورتين فصاحة ... وصل واسكتن كل جلاياه حصلا
1 / 34