إذ لا زيادة فيها، على ما تقدم، ولم تغن شيئًا، فلا يجوز أن تكون صادرةً عن الله، تعالى، فيلزمكم أن التوراة ليست من عند الله، وذلك كفر على مذهبكم!
وإن كانت التوراة أتت بزيادة، فهل في تلك الزيادة تحريم ما كان مباحًا، أم لا؟
فإن أنكروا ذلك، بطل قولهم من وجهين: -
- أحدهما: أن التوراة حرمت الأعمال الصناعية في يوم السبت، بعد أن
كان ذلك مباحًا، وهذا بعينه فهو النسخ.
- والثانى: أنه لا معنى للزيادة في الشرع، إلا تحريم ما تقدمت إباحته،
وإباحة ما تقدم تحريمه.
- فإن قالوا: إن الحكيم لا يحظرُ شيئًا، ثم يبيحه، لأن ذلك إن جاز مثله، كان كمن أمر بشىء وضده!
فالجواب: إن من أمر بشىءٍ وضدهِ في زمانين مختلفين، غير مناقضٍ بين أوامره
، وإنما يكون كذلك لو كان الأمران في وقت واحد.
فإن قالوا: إن التوراة حظرت أمورًا كانت مباحة من قبل ولم تأت بإباحة محظور.
والنسخ المكروه هو إباحة المحظور" لأن من أبيح له شىءً فامتنع عنه وحظره
على نفسه، فليس بمخالف، وإنما المخالفُ من منع عن شىءٍ فأتاه، لاستباحته المحظور.
فالجواب: من أحلَّ ما حظره الشرع في طبقة المحرم لما أحله الشرعُ، إذ كل
منهما قد خالف المشروع ولم يقرّ الكلمة على معاهدها.
1 / 38