لا يزداد منهم إلا بعدًا، فأوقعهم ذلك في الطيش والضجر، وأخرجهم إلى نوع من التزندق والهذيان، الذي لا يستحسنه إلا عقولهم الركيكة! .. فتجرءوا على الله بهذه المناجاة القبيحة، كأنهم ينخون الله بذلك لينتخى لهم، ويحمى لنفسه، لأنهم إذا ناجوا ربهم بذلك، فكأنهم يخبرونه بأنه قد اختار الخمول لنفسه، وينخونه للنباهة واشتهار الصيت!
فترى أحدهم إذا تلا هذه الكلمات في الصلاة يقشعر جلده، ولا يشك في أن كلامه يقع عند الله بموقع عظيم، وأنه يؤثر في ربه، ويحركه بذلك، ويهزه وينخِّيه! .. وهؤلاء على الحقيقة ينبغى أن يرحم جهلهم وضعف عقولهم.
وأيضًا فإنه عندهم في توراتهم: أن موسى صعد الجبل مع مشايخ أمته، فأبصروا الله جهرة، وتحت رجليه كرسى منظره كمنظر البلور، ذلك قوله: "وتراوايث ألوهى هشفير وخعيصم هشاما يم لا طوهر".
ويزعمون أن اللوحين مكتوبان بأصبع الله! .. في قولهم: "بإصباع ألوهيتم ".
ويطول الكتاب إن عددنا ما عندهم من كفريات التجسيم، على أن
أحبارهم قد تهذبوا كثيرًا عن معتقد آبائهم، بما استفادوه من توحيد المسلمين، وأعربوا عن تفسير ما عندهم بما يدفع عنهم إنكار المسلمين عليهم، مما لا
تقتضيه الألفاظ التي فسروها ونقولها، وصاروا متى سُئلوا عما عندهم من هذه الفضائح، استتروا بالجحد والبهتان، خوفًا من فظيع ما يلزمهم من الشناعة.
ومن ذلك أنهم ينسبون إلى الله، تعالى، إلى الندم على ما يفعل، فمن ذلك
قولهم في التوراة التي بأيديهم: "ويناجم أذوناى كى عاسا اث مما اذام يا أرض
ويتعصب إل لبُّو ".
1 / 62