المجلد الأول
مقدمة
...
غاية الأماني في الرد على النبهاني
تأليف: أبو المعالي محمود شكري الألوسي
تحقيق: أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين
(مقدمة المحقق)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفُسِنَا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضْلِلْ فلا هَادِيَ له. وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢] .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠- ٧١] .
أما بعد؛ فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهَدْي هديُ محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشَرَّ الأمور مُحْدَثَاتُهَا، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالة في النار.
"فإن الله تعالى أَيَّدَ دِينَهُ بالآيات البينات، والبراهين الساطعات، التي لو تجرَّد كل إنسان من داعية الهوى، وسَلِمَتْ آلاته وأنعم النظر فيها؛ لساقته إلى الإيمان سوقًا، ولدفعته إليه دفعًا.
1 / 5
لكن لما كان في نفوس بعض المخاطبين قصور في الفهم، أو تَلَكُّؤٌ في الاستجابة، أو مكابرة وعناد، أو العيش في بيئة يسودها الكدر والضلال، والبعد عن هدي السنة والكتاب؛ احتاج هؤلاء إلى أسلوب آخر في الاستدلال، يتضمن مجادلة ومناظرة بين الحق من جهة، والباطل من الجهة الأخرى، تثارُ أثناءها كَوَامِنُ الحق في فِطَرِ بني آدم، فيزول عن القلوب رَيْنُها، وعن الأبصار غَشَاوتُها، وعن العقول أقفالها، حتى يعودَ الحق واضحًا جَلِيًّا لكل ذي بصر وبصيرة، فلا يبقى أمامه إلا إعلان الإيمان، وإشهار الإذعان، أو الرضا بالخنوع للباطل، والهروب من الحق.
ولقد شهدت البريّةُ- ولا تزال- أنماطًا من الجدل والمناظرة، والأخذ والرد، والكتابة والمناقشة، في شتى الموضوعات؛ ولكن: ليست هناك حجة كَحُجَجِ الله تعالى التي بعثَ بها رسله، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٨٧] ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ [النساء: ١٢٢] .
فالجدل والمناظرة، والرد على الخصوم والمخالفين؛ ضربٌ من ضروب بيان الحق وتأييده، وقمع الباطل وتزهيقه، وقد استخدمه الله تعالى في القرآن الكريم كثيرًا، وبأساليب شتى، وفي حالات متنوعة؛ من تنبيه لغافل، أو إرشاد لمُسترشد، أو إفحام لمعاند.
فالقرآن واجه الخصوم والمخالفين وتصدّى لهم، وناظرهم فيما يعتقدونه، وقطعهم بالحجة البالغة، والسلطان القاهر، فما استطاعوا له ردًّا، ولا عنه حِوَلًا.
والرسول ﷺ واجه أصنافًا من الناس؛ منهم المسترشد يطلب الحق، والجاهل يبتغي العلم، والجاحد يسلك سبيل المدافعة والمنازعة، ومنهم المعاند الذي لا يلوي على شيء غيرَ الوقوف أمام كل جديد بالصدّ والإنكار، والتزام ما كان عليه الآباء والأجداد.
ومن هؤلاء وهؤلاء من ينتسب إلى كتاب مُنَزَّلٍ أصابه التحريف والتبديل، ومنهم من يعبد الوثن ...
1 / 6
وهناك بعض حديثي العهد بالإسلام قد بقيت معه بعض الشبه والشكوك، التي تقلّدها عن الجاهلية، فهي تحتاج إلى تجلية وكشف حتى يرسخ الإيمان في قلبه، وتصحح الفكرة في عقله.
كل هؤلاء وغيرهم واجههم رسول الله ﷺ، فأقام الحق وبيّنه، ودفع الباطل وأذهبه، ودفع الشبه والشكوك، وأقام الله تعالى به الدين؛ فصلوات الله وسلامه عليه تسليمًا مزيدًا.
وكان لأصحاب رسول الله ﷺ النصيب الأعظم في إقامة الحجة، وإصابة الحق، فهم أعلى الناس به علمًا وعملًا، ونظرًا ومناظرةً، وجدلًا ومجادلة، وذلك ببركة متابعتهم لنبيهم ﷺ وتأسّيهم به.
ثم تعرّض الإسلام إلى حملة شرسة من أعدائه؛ من أرباب الديانات المنحرفة، وأساطين الفلسفات القديمة؛ حيث ذهبوا يشكّكون في مسلّماته، ويتعرضون له بإثارة الشبهات، وبحث الوثنية من جديد، قاصدين لدولة الإسلام التي انداحت فشملت أصقاعهم، ونسفت ملكهم، وصدّعت صروحهم.
فانبرى لهم أهل الدين والإيمان، من علماء الأمة وحرّاس العقيدة؛ يدفعون صولة الصائلين، وعداية المعتدين، فأقيمت المناظرات، وكتبت الردود، حتى ظهرت الحجة، واتّضحت المحجة.
فحماية الدين من العاديات وكفُّ العدوان والمعتدين؛ من أعظم وأخطر مهمات أهل العلم والإيمان وأشرفها.
فلا أقوى من سلطان الحجة، ولا أسطع من نور الدليل والبرهان، وهذا من أعظم ما يمتاز به دين الله الحق؛ إذ هو حجة وبيّنة، ودليل وآية، وبرهان ونور، وهدى وشفاء لما في الصدور.
ولأهل الإسلام مع أهل الكفر والبدع والأهواء مواقف عَلِيَّة، ومشاهد
1 / 7
سَنِيَّة"١ من كتب وردود، وكشف لأباطيلهم وألاعيبهم، ودحض لأكاذيبهم. وقد كتب العلماء الربانيون قديمًا وحديثًا في الرد على أهل البدع والأهواء، حماية للشريعة الغراء، وصيانة للسنة النبوية من أهل الافتراء.
ومن هؤلاء العلماء الذين كتبوا في الرد على أهل البدع؛ الإمام العلامة أبي المعالي محمود شكري الألوسي البغدادي الحسيني، كتب كتابًا في الرد على أحد هؤلاء الذين أوقفوا أنفسهم في وجه السنة وأهلها؛ وهو المدعو يوسف بن إسماعيل بن حسن النبهاني، المولود سنة (١٢٦٦ هـ) والمتوفي سنة (٣٥٠ هـ) - أحد العاملين في المحاكم المدنية التي يحكم فيها أهلها بغير ما أنزل الله!! في وقته آنذاك-.
وقد ردَّ المصنف- ﵀ على كتاب النبهاني "شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق" ردًّا علميًا منهجيًا وافيًا، تعرض فيه للمسائل والكلام الذي افتراه النبهاني على دين الله وسنة رسول الله، وعلى العلماء الربانيين من هذه الأمة.
وجلَّ المسائل المتكلم فيها في هذا الرد: مسائل التوسل والاستغاثة بغير الله ﷿، وما يتعلّق بهما.
ومسألة شدّ الرحال لزيارة القبور والاستنجاد بأهلها ودعائهم من دون الله تعالى.
وقد أطنب المصنف في هذا الكتاب في الدفاع عن العالم الرباني، الإمام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني طيّب الله ثراه، وذلك بنقل كلام أهل العلم من شتى المذاهب في ثنائهم على شيخ الإسلام، وتبرئتهم له مما ينسبه إليه المفترون الظالمون.
عدا مسائل عقدية وفقهية هامة، تجدها في ثنايا هذا الرد.
_________
١ من مقدمة الدكتور عثمان بن علي حسن لكتابه"منهج الجدل والمناظرة في تقرير مسائل الاعتقاد" بتصرف.
1 / 8
والكتاب طبع قديمًا طبعة رديئة، ثم طبعت في مصر على نفقة عبد العزيز ومحمد العبد الله الجميع، ثم صوّرت طبعات عدة عن هذه الطبعة، فأحببتُ القيام بتجديد نشر الكتاب في طبعة أنيقة حديثة، مخرّجة الآيات والأحاديث، عليها بعض التعليقات الطفيفة فيما تقتضيه الحاجة دون توسع في ذلك، مصحّحًا فيها الأخطاء التي وقعت في الطبعة القديمة.
واعلم أيها القاريء الكريم أن عملي في هذا الكتاب عن أصل مطبوع، وقد بذلت الجهد الذي بمستطاعي في إصلاح الأخطاء والتصحيفات، فإن وجدتَ زللًا أو خطأً أو تقصيرًا؛ فادعُ الله لنا أن يتجاوزَ عنا، وأن يرحمنا.
هذا وإني أشكر الأخ الفاضل الأستاذ فهد الحمدان- وفقه الله تعالى- على قيامه بنشر هذا الكتاب، وغيره من الكتب النافعة، أجزل الله له المثوبة، ووفقه لكل خير.
اللهم إني أسألك السداد فيما أقول وأكتب، اللهم تجاوز عن سيئاتنا وارحم ضعفنا، وسدّد خطانا للحق، اللهم لا تفتنا بعد إذ هديتنا، وثبتنا على دينك.
اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرًا.
اللهم صل على محمد وعلى آله وسلّم تسليمًا مزيدًا.
وكتب: أبو عبد الله السَّلفي الداني بن منير آل زهوي
كان الله له
الجية، منطقة جبل لبنان
الموافق للخامس عشر من شهر جمادى الأولى لعام اثنتين وعشرين وأربعمائة وألف
1 / 9
وفي أثناء كتابتي لهذه المقدمة فجعنا كما فُجِعَ المسلمون في أقطار الأرض بوفاة العلامة المحدث الإمام الحافظ ريحانة الديار اليمنية وشامتها أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي، وذلك يوم السبت في الرابع عشر من شهر جمادى الأولى لهذا العام.
والشيخ مقبل- ﵀ علم من أعلام السنة، ووالد رحيم لأبناء كثيرين من طلاب العلم من شتى بقاع الأرض، قام على رعايتهم وتعليمهم وتنشئتهم في دار أهل الحديث في"دماج" قرب مدينة "صعدة" اليمنية. وقد أمضى- ﵀ عمره وحياته في تعليم الناس وإرشادهم لدعوة الحق، وكان حصنًا منيعًا للسنة وأهلها، وسيفًا مسلولًا على أهل البدع والأهواء، وعلمًا شامخًا، ومرجعًا عزيزًا، وحافظًا كبيرًا، وداعيةً رحيمًا، وقد نفع الله به نفعًا عظيمًا، غفر الله له وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا.
رحمك الله يا أبا عبد الرحمن، وأجزل لك المثوبة، وأخلف الله لنا خلفًا صالحًا يسيروا سيرك، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
1 / 10
ترجمة المصنف
اسمه ونسبه:
هو: محمود شكري، أبو المعالي جمال الدين بن السيد عبد الله بهاء الدين ابن السيد محمود شهاب الدين بن عبد الله صلاح الدين بن محمد الخطيب الألوسي البغدادي الحسيني، يرجع نسبه للسيد السبط الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ﵇.
مولده:
ولد المصنف في بغداد، في التاسع عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين وألف (١٩رمضان ١٢٧٣) الموافق (١٢/ أيار/ ١٨٥٦) بالتاريخ الأجنبي.
وقد وُلِدَ في دار جدّه أبي الثناء ﵀.
أسرته:
ينتسب المصنف- ﵀ إلى الأسرة الألوسية، نسبة إلى (أَلُوس) وهذا ما رجّحه العلامة محمد بهجة الأثري في"أعلام العراق" (ص ٧) .
وقيل: نسبة إلى (آلوسة) بالمد.
وهي جزيرة على الفرات في العراق.
والأسرة الألوسية بغدادية الأصل، ارتحلت بسبب الفتن والحروب التي كانت تقع في بغداد أواخر المائة الحادية عشرة. وفي أواخر القرن الثاني عشر رجع
1 / 11
جدّ أبي الثناء إلى بغداد، واتخذها وطنًا له.
والألوسيون أسرة شريفة يرجع نسبها إلى آل بيت النبي ﵌.
قال الأستاذ محمد بهجة الأثري- ﵀:"والألوسيون سادة أشراف، محبوكوا الأطراف، ضموا إلى زينة النسب حلية الأدب، فتفيّؤوا في الثرف مكانًا عَلِيًّا.
وهم- على ثبوت نسبهم- من أبعد الناس عن التفاخر بالأنساب، ولعمري! إن انتسابهم إلى العلم ليكفيهم، ومحك النسب العمل:
إن فاتكم أصل امرىء ففعاله ... تنبيكم عن أصله المتناهي".
والأسرة الألوسية أسرة علمية، وجذ المصنف العلامة شهاب الدين محمود الألوسي (١٢١٧- ١٢٧٥) هو صاحب التفسير المعروف بـ "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني".
شيوخه:
١- والده عبد الله بهاء الدين الألوسي (١٢٤٨- ١٢٩١ هـ)، وكان تأثره به شديدًا.
٢- عمه العلامة السلفي نعمان خير الدين أبو البركات الألوسي.
٣- إسماعيل بن مصطفى الموصلي (- ١٣٠٢ هـ) .
٤- الشيخ بهاء الحق الهندي نزيل بغداد، درس عليه طرفا من التفسير (١٢٥٦ - ١٣٠٠ هـ) . وقد ترجمه المصنف في"المسك الأذفر" (ص ٢١٢) .
٥- الشيخ عبد السلام بن محمد بن سعيد النجدي الشهير بالشواف (١٢٤٣ - ١٣١٨) . درس عليه مصطلح الحديث.
٦- الشيخ محمد أمين الخراساني الفارسي.
وغيرهم.
تلاميذه:
1 / 12
١- الأستاذ العلامة محمد بهجة الأثري (١٣٢٢- ١٤١٦هـ) .
٢- الشاعر معروف الرصافي، شاعر العراق المشهور (١٢٩٤- ١٣٦٤) .
٣- نعمان بن أحمد بن الحاج إسماعيل الأعظمي العبيدي (١٢٩٣- ١٣٥٨) .
٤- علي علاء الدين الألوسي- ابن عم المصنف- (١٢٧٧-١٣٤٠) .
٥- عبد العزيز الرشيد الكويتي، المؤرخ (توفي سنة: ١٣٥٧) .
٦- طه بن صالح الداوي، الأديب المؤرخ (١٣١٠- ١٣٦٥) .
٧- عبد اللطيف ثنيان، اللغوي (ت: ١٣٦٣) .
٨- عباس الغزاوي، المؤرخ العراقي المشهور (ت: ١٩٧١م) .
٩- منير القاضي (١٣١٣- ١٣٩٠) .
٠ ١- سليمان الدخيل النجدي (١٢٩٤- ١٣٦٤) .
وغيرهم كثير.
عقيدته
بالتتبع والاستقراء لعقيدة الألوسي- من خلال كتبه وسيرته- يلاحظ أنه مرّ في أطوار ثلاثة في اعتقاده:
الطور الأول: كان فيه صوفيًا خالصًا: وهذا الطور يبدأ من أول حياته إلى أن تجاوز الثلاثين من عمره.
وفي هذا يقول العلامة الأثري- ﵀ في كتابه "أعلام العراق" (ص: ٩١): ".. ولكن الشاب المتأثر بالعقيدة الخلفية، والمتشبع بالروح الصوفية الموروثة له من أبيه وأستاذه الأول لم يستطع ملازمة عمه المستقل بعلمه وآرائه الضارب بالخزعبلات الصوفية والمذاهب التقليدية عرض الحائط، فصرف التعصب بصره عن عمه".
الطور الثاني: كان فيه مازجا بين الصوفية والعقيدة السلفية، ولم يستمر هذا الطور معه طويلًا.
وفي هذا يقول العلامة الأثري:"لما بلغ الألوسي هذا الطور من حياته،
1 / 13
واتسعت آفاقه الذهنية والعلمية؛ رأيناه يبدأ حالًا جديدة من أحوال التفكير والاجتهاد، ويعيد النظر فيما تعاوره في أثناء الشباب من اختلاط العقائد والنزعات المذهبية المختلفة ... " ["محمود شكري الألوسي وآراؤه اللغوية" (ص ٧٦)] .
الطور الثالث: وهو آخر ما استقر عليه المصنف ﵀؛ وهو طور نبذ التصوف، والمجاهرة بدعوة التوحيد.
وفي هذا يقول العلامة الأثري: "ثم ما لبث الألوسي أن أصحر عن انحيازه في جراءة وقوة إلى الحركة السنية السلفية، مع مقاومة الدولة العثمانية الصوفية لهذه الحركة الإصلاحية بكل قواها الرجعية، واستعلن وقوفه إلى جانبها بكتابه "فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان" الذي فرغ من تأليفه في غرة ذي الحجة سنة (١٣٠٦هـ) وطبع بالهند سنة (١٣٠٩هـ) ".
مؤلفاته:
١- غاية الأماني في الرد على النبهاني: وهو هذا الكتاب.
٢- الآية الكبرى على ضلال النبهاني في رائيته الصغرى:
بعد أن صدر كتاب العلامة الألوسي الأول "غاية الأماني" واطّلع النبهاني عليه؛ نظم قصيدة ركيكة طعن فيها على علماء الملة، فردّ عليه الألوسي بهذا الكتاب.
وتوجد نسخة من الكتاب بخط المؤلف كتبها سنة (١٣٣٠) في مكتبة الآثار العامة، المتحف العراقي في (٥٢) صفحة، برقم: ٨٧٢١.
٣- إتحاف الأمجاد في ما يصحّ به الاستشهاد:
نشر ببغداد بتحقيق الدكتور عدنان بن عبد الرحمن الدوري، مطبعة الإرشاد سنة (١٩٨٢م) في (١٢٦) صفحة.
٤- الأجوبة المرضية عن الأسئلة المنطقية:
في (٤٣) صفحة، كتبه بخطه سنة (١٣٤٠)، ومنه نسخة في مكتبة الآثار العامة ببغداد، تحت رقم: (٨٧٧٤) .
1 / 14
٥- أخبار الوالد وبنيه الأماجد:
ترجم فيه أباه؛ السيد عبد الله بهاء الدين الألوسي. يقع في (١٠٢) صفحة بخط المصنف.
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة (٨٦٢٣) .
٦- إزالة الظما بما ورد في الما:
منه نسخة خطية بخط المصنف، كتبها سنة (١٣٠٢) في مكتبة المجمع العلمي العراقي (٣١/ مجاميع- ورقة: ٣٠-٥١) .
٧- الأسرار الإلهية شرح القصيدة الرفاعية:
طبع في المطبعة الخيرية بالقاهرة سنة ١٣٠٥ هـ، في (٩٦) صفحة.
٨- أسواق العرب في الجاهلية:
بحث نشر في مجلة"المشرق" البيروتية سنة (١٨٩٨م) .
٩- ألعاب العرب:
أو"لعب العرب"منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الآثار العامة (٨٢٢٠) في (١٤) صفحة.
١٠- أمثال العوام في مدينة دار السلام:
جمع فيه الأمثال العامية في بغداد، ورتبها على حروف الهجاء.
منه نسخة خطية في مكتبة الآثار العامة (١٧٩٨ و٨٥١٣) في (٧٦) صفحة.
١١- الأندلس وما فيها من البلاد:
منه نسخة خطية في مكتبة الآثار العامة رقم (٨٧٩٩) .
١٢- البابية:
منه نسخة خطية في أربع صفحات بخط المصنف، كتبه سنة (١٣١٩هـ) في مكتبة الدراسات العليا، رقم: (١٠٥) .
١٣- بدائع الإنشاء:
الجزء الأول والثاني منه بخط المصنف في مكتبة الآثار العامة رقم (٨٥٥٠ -٨٥٥١) .
1 / 15
ومنه قطعة في (١٦) ورقة في مكتبة الأوقاف العامة رقم (١٣٧١٧) .
١٤- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب:
منه أجزاء مخطوطة في مكتبة الآثار برقم (٨٥٠١، ٨٥٠٢، ٨٥٠٦) .
وقد طبع الكتاب في بغداد وفي القاهرة بتحقيق الأستاذ محمد بهجة الأثري.
١٥- تاريخ بغداد:
كتاب كبير في ثلاثة أقسام:
الأول: أخبار بغداد وما جاورها من البلاد:
ألّفه المصنف سنة (١٣٣٧هـ) في (١٥٥) ورقة.
منه نسخة خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد في (١٢٨) ورقة برقم (٢٤٢٠٦) .
ومنه نسخة في مكتبة الآثار العامة.
ومنه نسخة في المكتبة المركزية ببغداد رقم (٩) .
ومنه نسخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة رقم (١٣٤٢) .
الثاني: المسك الأذفر في نشر مزايا القرن الثاني عشر والثالث عشر: طبع بتحقيق الدكتور عبد الله الجبوري بدار العلوم بالرياض سنة (١٤٠٢هـ) .
الثالث: تاريخ مساجد بغداد وآثارها:
منه نسخ خطية كثيرة في المكتبات البغدادية.
١٦- تاريخ نجد:
حققه ونشره الأستاذ محمد بهجة الأثري.
ومنه نسخة خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد.
١٧- تجريد السنان في الذب عن أبي حنيفة النعمان:
ومنه نسخة خطية بمكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٨٩) .
١٨- ترجمة الأصمعي:
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٦٥٣) .
1 / 16
١٩- الجواب عما استبهم من الأسئلة المتعلقة بحروف المعجم:
أجاب فيه عن أسئلة لغوية سبعة، كان قد وجّهها جلال الدين السيوطي إلى علماء عصره، ولم يُجِبْهُ عنها أحد.
منه نسخة بخط المؤلف كتبها سنة (١٣١٩هـ) في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٦٠٥) في (٤١) صفحة.
٢٥- الجوهر الثمين في بيان حقيقة التضمين:
أي التضمين النحوي. منه نسخة في مكتبة الآثار العامة (برقم: ٨٥٣٣) .
٢١- الدر اليتيم في شمائل ذي الخلق العظيم ﷺ:
قال العلامة الأثري في كتابه"محمود شكري الألوسي وآراؤه اللغوية" (ص١١٧): "لم يتمه".
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٤٧) في (٣٧) صفحة.
٢٢- رسالة في إثبات خاتمية نبوّة الرسول ﷺ:
منه نسخة بخط المؤلف، كتبها سنة (١٣١٩هـ) في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٤٧) .
٢٣- رسالة في التوحيد والتثليث:
في الرد على رسالة إيليا مطران نصيبين.
ألّفها سنة (١٣٢١هـ)
منه نسخة بخط عبد الرزاق بن ملا محمد الحاج فليّح في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد (٢٤٣١٧) في ٣٦ صفحة، وأخرى في المكتبة القادرية ببغداد برقم (٦٤٣) في ٢٨ صفحة.
٢٤- رسالة في قوله جاء المسيح رسولًا:
منها نسخة خطية في ١٢ صفحة بمكتبة الدراسات العليا برقم (١١٤٣) .
٢٥- رسالة في كلمات التسبيح:
في ست ورقات بخط إبراهيم محمد ثابت الألوسي، في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد رقم (٩/٢٤٣٠٩ مجاميع) .
1 / 17
٢٦- رسالة فيما كانت عليه بغداد:
في (١٢) صفحة بالمتحف العراقي (٨٧٩٨) .
٢٧- رسائل محمود شكري الألوسي إلى الأب أنستاس ماري الكرملي:
طبعت بعنوان "أدب الرسائل بين الألوسي والكرملي، بتحقيق كوركيس وميخائيل عواد.
٢٨- الروضة العناء شرح دعاء الثناء:
ألّفها سنة (١٢٩٤هـ)، ومنه نسخة في المتحف العراقي (٨٥٨٠/١) .
٢٩- رياض الناظرين في مراسلات المعاصرين:
وهي الرسائل المتبادلة بين الألوسي وبين علماء عصره.
منه نسخة بخط المؤلف في المتحف العراقي برقم (٨٥٣٤) في (٥٦٠) صفحة.
٣٠- سعادة الدارين في شرح حديث الثقلين:
كتبه بالفارسية العلامة عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي صاحب كتاب "التحفة الإثنى عشرية". وقد عربه الألوسي، وزاد عليه بعض الفوائد.
ومنه نسخة بمكتبة الآثار العامة برقم (٨٨٧٢) في (٢٦) صفحة، كتبها سنة (١٣٣٦هـ) .
٣١- السواك:
رسالة في العيدان التي كانت تستاك بها العرب في أيام الجاهلية.
نشرها الأستاذ االأثري في مجلة الحرية العراقية.
٣٢- السيوف المشرقة مختصر الصواعق المرسلة:
منه نسخة بخط المصنف في (٣٠٣) صفحة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٦٢٨) .
٣٣- شرح الدر المنضود:
وهو شرح القصيدة الأحمدية التي نظمها الشاعر أحمد بك الشاوي الحميري، في مدح السيد محمود شكري الألوسي، فأجازه عليها بشرحها
1 / 18
شرحًا أدبيًا، في ثمانين صفحة.
وهي بخط المؤلف في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٧٢١/١) .
٣٤- شرح منظومة الشيخ حسن العطار في فن الوضع:
منه نسخه خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (٢٤٣٠٩) .
وأخرى في المكتبة القادرية ضمن مجموع برقم (١٤٥٣/ ١) .
٣٥- شرح منظومة عمود النسب وأخبار أخبار سلف العرب:
والمنظومة هي للنسابة الشيخ أحمد البدوي المجلي الشنقيطي البوحمدي.
وهي في مكتبة الأوقاف العامة برقم (٢٤٣٥٣) .
ونسخة بخط العلامة محمد بهجة الأثري في خزانة كتبه.
٣٦- صب العذاب على من سبّ الأصحاب:
منه عدة نسخ خطية في بغداد، وقد طبع الكتاب في مكتبة أضواء السلف بالرياض، بتحقيق عبد الله البخاري، سنة ١٤١٧هـ.
٣٧- الضرائر السائغة:
وهذا اختصار لكتابه "الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر".
منه نسخة في (٧٠) صفحة بخط المصنف في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٧٩) .
٣٨- الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر:
منه نسختان بخط المؤلف في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٢٠، ٨٦٨٠) .
وقد حققه ونشره الأستاذ الأثري وطبع بالقاهرة ثم في بيروت.
٣٩- عقد الدرر في شرح مختصر نخبة الفكر:
منه نسخة خطية في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٠٤)، ونسخة أخرى في مكتبة الأوقاف العامة.
وقد طبع الكتاب حديثًا في مكتبة الرشد بالرياض، بتحقيق: إسلام بن محمود درباله.
٤٠- فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان:
1 / 19
كتاب"صلح الإخوان"لداود بن سليمان. وقد رَدَّ عليه الشيخ العلامة عبد اللطيف النجدي بكتاب أسماه: "منهاج التأسيس في الرد على ابن جرجيس" ولم يتمه. فأتمه العلامة الألوسي في هذا الكتاب، وفرغ منه سنة (١٣٠٦هـ) .
منه نسخة خطية في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم (٦٤٩٣) .
وطبع على الحجر في بومبي بالهند سنة (١٣٠٩هـ) في (١٥٨) صفحة، على نفقة الأمير الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني حاكم قطر.
٤١- فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية لإمام محمد بن عبد الوهاب:
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٧٣٨/ ١) .
ونسخة أخرى في المكتبة القادرية برقم (٦٠٠) .
وطبع باسم "مسائل الجاهلية".
٤٢- القول الأنفع في الردع عن زيارة المدفع:
منه نسخة الأوقاف العامة رقم (١١٣٧٩١) .
٤٣- القول الظريف في تزييف دعوى ناصيف:
وهو نقد المقالات التي ألّفها ناصيف اليازجي (ت: ١٢٨٧ هـ) بعنوان"مجمع البحرين".
قال الأستاذ الأثري في كتابه"أعلام العراق" (ص١٤٧): "فُقِدَ هذا النقد في جملة ما فُقد في مؤلفات الأستاذ، ولكنني وجدتُ منه عدة أوراق من أوائله". وقال في كتابه"محمود شكري الألوسي وآراؤه اللغوية" (ص١٢٠):"تبعثر إبان نفيه إلى الأناضول وفُقد أكثره، وعندي قطعة من أوله بخط المؤلف".
٤٤- كنز السعادة في شرح كلمتي الشهادة:
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٦٩٤) في (٥٦) صفحة.
ونسحة أخرى في مكتبة الأوقاف العامة (١٣٧١٩) .
وطبع بتحقيق علي فريد دحروج في بيروت بدار الكتاب العربي.
1 / 20
٤٥- اللؤلؤ المنثور من حلي الصدور:
جمع فيه مكاتيب ومراسلات والده وجده.
منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٦٥٤) .
٤٦- ما اشتمل عليه حروف المعجم من الدقائق والحقائق والحكم:
منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٠٧) في (١١٦) صفحة.
٤٧- ما دلّ عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان:
نشر بالمكتب الإسلامي ببيروت.
٤٨- مجموعة تراجم العلماء:
وهو في تراجم مشاهير المتأخرين من أهل بغداد.
وما في "المسك الأذفر" من تراجم غير ما ترجم في هذه المجموعة.
منه نسخة خطية في مكتبة الآثار العامة (٢٠٩٩) .
٤٩- مختصر مسند الشهاب في الحكم والمواعظ والآداب:
قال الأستاذ الأثري عنه: "اختصرناه معًا، ونسخته بخطي ... ".
وهو في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٦١٦) .
٥٠- المسفر عن الميسر:
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٥٠٥/ ١)، وأخرى بمكتبة الأوقاف العامة برقم (٣٤٢٥٨) .
٥١- المسك الأذفر:
انظر مادة"تاريخ بغداد".
٥٢- المفروض من علم العروض:
استخرجه من كتاب"لسان العرب" لابن منظور.
انظر "أعلام العراق" للأثري (ص ١٤٧) .
٥٣- ملخص كتاب الأصنام:
وهو تلخيص كتاب "الأصنام" لهشام بن السائب الكلبي.
1 / 21
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٧٩٥/٥) .
٥٤- منتهى العرفان والنقل المحض في ربط بعض الآي ببعض:
قال الأستاذ الأثري:"شرع في تأليفه في أوائل سنة ١٣٤١هـ، فوافته المنية قبل إتمامه".
منه نسخة في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٨٤١) .
٥٥- المنحة الإلهية تلخيص ترجمة التحفة الإثني عشرية:
أهل الكتاب "التحفة الإثني عشرية" للعلامة عبد العزيز الدهلوي الفاروقي (ت:١٢٤٠هـ)، وترجمه إلى العربية: غلام محمد أسلمي الهندي.
ولخصه المؤلف وهذبه وضم إليه فوائد جزيلة.
وقد طبع الكتاب بالهند ومصر.
٥٦- النحت وبيان حقيقته:
رسالة صغير في (١٣) صفحة، نسختها في مكتبة الآثار العامة برقم (٨٧٦٦) .
وغير ذلك من كتبه وتحقيقاته الكثيرة.
- مصادر الترجمة:
"أعلام العراق" للأثري: محمد بهجة.
"محمود شكري الألوسي وآراؤه اللغوية" للسابق.
"مشاهير علماء نجد وغيرهم".
"مقدمة كتاب المسك الأذفر"له بتحقيق الجبورك.
"مقدمة كتاب أدب الرسائل".
"الأعلام" للزركلي (٧/ ١٧٢- ١٧٣) .
"معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين" لكوركيس عواد. وغيرها.
1 / 22
قالوا في الكتاب
قال الشيخ محمد رشيد رضا في تقريظه لهذا الكتاب:
"كتاب مؤلف من سفرين كبيرين، لأحد علماء العراق، المكني: بأبي المعالي الحسيني السلامي الشافعي؛ ردّ فيهما ما جاء به النبهاني في كتابه "شواهد الحق" من الجهالات والنقول الكاذبة، والآراء السخيفة، والدلائل المقلوبة، في جواز الاستغاثة بغير الله، وما تعدى به طوره من سبّ أئمة العلم وأنصار السنة؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية ...
إلى أن قال: وفي هذا الكتاب ما لا أحصيه من الفوائد العلمية في التوحيد، والحديث، والفقه، والآداب، وغير ذلك.. [مجلة المنار/ عدد: ١٢/ ص: ٧٨٥] .
وقال الشيخ تقي الدين الهلالي: "غاية الأماني في الرد على النبهاني لمؤلفه العالم السَّلفي محمود الألوسي البغدادي- ﵀، وهذا الكتاب من أنفس كتب السلفية؛ جادل المبتدعين من المتصوفة، وشدّد عليهم الخناق بعبارات بليغة، كأنها عقود الجمان في أجياد الحسان، فيه من المتعة والفوائد ما يقل نظيره في الكتب". [الهدية الهادية إلى الطائفة التيجانية/ ص: ٢٢] .
1 / 23
خطبة الكتاب
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما عرفنا من نفسه، وألهمنا من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيته، ودلّنا عليه من الإخلاص في توحيده، وجنّبنا من الإلحاد والشك في أمره، وهو ربّ العالمين، وقَيُّوم السموات والأرضين. نحمدُه حمدًا يضيء لنا به ظلمات البرزخ، ويسهل علينا به سبيل المبعث، ويشرف به منازلنا عند مواقف الأشهاد يوم تُجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئًا ولا هم ينصرون.
ونشهد أن لا إله إلا الله العظيم السلطان، والملك الديان، الذي لا شريك له ولا ند، ولا وزير ولا معين، وهو الربّ المستعان، فسبحانه من إله وقفت سيارات العقول حيارى في مواقف عظمته، وتاهت ثوابت أبكار الأفكار سكارى في فيافي قدرته، وأقام أدلة وحدانيته على رؤوس عرائس الكائنات، ونظم براهين تفرده بربوبيته في سلك امتناع تسلسل الموجودات.
ونرفع إليه جلّ شأنهُ أَكُفَّ التضرّع والابتهال، ونبسط له- تعالى سلطانه- أيدي التذلل والسؤال، أن يُدِيَم ديم صلاته وسلامه هاطلة على أَجَلِّ من نشر رايات التوحيد، وعقد خنصر قلبه على تقديس ربه المجيد، وتمسِّك بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، سيّدنا ومولانا محمد أمينك على وحيك، ونجيبك من خلقك، وصفّيك من عبادك، إمام الرحمة، وقائد الخير ومفتاح البركة، الذي نصب لأمرك نفسه، وعرض فيك للبلاء بدنه، وكاشف إليك في الدعاء خاصته، وحارب في رضاك أسرته، وقطع في إحياء دينك رحمه، وأدأب نفسه في تبليغ رسالتك، وأتعبها بالدعاء إلى
1 / 25