يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الضَّعِيفُ، فَأَمَّا الْحِمَى الَّذِي لَا يَنَالُهُ النَّاسُ وَلَا يَنْفَعُهُمْ، فَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يُحْمَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَمَى لِأَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ مَا لَا تَنَالُهُ أَخْفَافُ الْإِبِلِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ قَطِيعَةً إِذْ كَانَتْ إِبِلُ الْمُسْلِمِينَ لَا تَنَالُهُ، فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ، وَحَمَى لِأَبِي سَيَّارَةَ نَحْلًا لَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ فَمَنَعَ غَيْرَهُ مِنْهَا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» فَإِنَّمَا ذَلِكَ مَا لَيْسَ بِعَامِرٍ، إِنَّمَا هُوَ مَوَاتٌ، أَوْ أَرْضُ كَلَأٍ، أَوْ مَاءٌ، أَوْ مِلْحٌ، وَمَا النَّاسُ فِيهِ شُرَكَاءُ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حَاجَتَهُ، فَالْحِمَى جَائِزٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا يَصْلُحُ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْفَعُ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: «حَتَّى إِذَا مُصْتُمُوهُ» يَعْنِي غَسَلْتُمُوهُ، مُصْتُ الثَّوْبَ أَمُوصُهُ مَوْصًا وَشُصْتُ فَمِي بِالسِّوَاكِ أَشُوصُهُ شَوْصًا إِذَا غَسَلْتُهُ، كَأَنَّهَا تَقُولُ: اسْتَعْتَبْتُمُوهُ مِمَّا أَنْكَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَأَعْتَبَكُمْ وَرَجَعَ عَنْهُ، عَدَوْتُمْ عَلَيْهِ: أَيْ رَكِبْتُمْ فِي قَتْلِهِ الْفُقَرَ الثَّلَاثَ وَالْفُقَرُ: آبَارٌ تُحْفَرُ: فَحَمَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي قَتْلِهِ عَلَى أَنْ أَوْقَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي حُفَرٍ مُفَقَّرَةٍ، تُرِيدُ: مَا صِرْتُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ فِي قَتْلِهِ وَمِثْلُهُ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي وَرْطَةٍ وَفِي بَلِيَّةٍ وَفِي هُوَّةٍ، إِذَا وَقَعَ فِيمَا يَكْرَهُ وَيُؤْثِمُهُ