وجيليوس
Gellius ، متظاهرا كمن له الصولة السلطان، غير عابئ بكرامة زوج مسئول ، لابسا رداء المحب المتغطرس الولهان. فليس بمستعجب إذن ولا بمستغرب أبدا أن تتعدد المنازعات والمشاجرات، وأن تكفل لنا القصائد التي كتبها كاتولوس عن ليسبيا إبان عام 60ق.م. تاريخا مريرا لتلك التعنيفات المريرة واللائمات القاسية، فضلا عن مناسبات الوفاق القصيرة الأمد، ومرات الوئام والانسجام القليلة العدد.
وعلى كل فقد كان على كلوديا إبان حياة ميتيلوس أن تحافظ على احترام معين للمظاهر، فضلا عن أن واجباتها الزوجية قد زودتها بلا شك بحجة مريحة للتعامل مع مغازل ولهان قد برح به الهوى. ولكن في عام 59ق.م. وقعت حادثة ألحقت بموقفها تغييرا كبيرا ملحوظا؛ فميتيلوس وقد أنهكه ما كان يكتنف السياسات الرومانية من تعقيدات لا مثيل لها، قد مات فجأة، وإذ انتقلت كلوديا إلى الإشراف الاسمي على أخيها سكستوس كلوديوس بولكر، ألد أعداء شيشيرون، فقد أضحت مستقلة تمام الاستقلال كأرملة في سن الخامسة والثلاثين وكصاحبة ثروة طائلة. والمجتمع الروماني الذي تختلف أفكاره في المزاح اختلافا بينا عن أفكارنا، راح يقول مازحا: «إنها سممت زوجها، وكانت عشيقة أخيها أيضا.» بيد أنه من الخطل أخذ مثل هذا المزاح مأخذا جديا. حقا إن كاتولوس وشيشيرون يكرران هذه الأقوال، ولكن كليهما شاهد لا يعتد به. فالحقيقة المقطوع بها والتي لا مراء فيها؛ ذلك أن كلوديا بعد وفاة زوجها قد وقع اختيارها على ماركوس كايليوس روفوس
Marcus Caelius Rufus
الذي كان تحت حماية شيشيرون، وصديق كاتولوس الحميم، وأحد المغامرين الجسورين الذين ذاع صيتهم في ذلك العصر المضطرب، قد وقع عليه اختيارها حبيبا مفضلا لا يجاريه في قلبها أي حبيب.
أما كيف استطاع كاتولوس أن يتحمل صدمة التنحي عنه وطرحه في عالم النسيان، ولفظه لفظ النواة وجعله ذكرى لغرام مضى وانقضى، فيمكننا أن نلمسه من تلك الأبيات المريرة، التي تضمنتها القطعة السابعة والسبعون والمصدرة باسم روفوس.
ولكن بقدر ما كانت الضربة قاصمة لمركز كاتولوس الأدبي ولقيمته الشخصية، فإن تعلقه بحبيبته السابقة كان تعلقا شديدا بعد تلك الروابط الغرامية الماضية، حتى أصبح من العسير عليه الخلاص منها ومن قيودها؛ ومن ثم فهو يكتب لها في شبه تراكيب هي خليط تارة من السب والحب، وطورا من الاعتراف والاستغفار، وأحيانا أخرى من الثورة ضد عبودية المشاعر والأحاسيس، فيقول:
لا أستطيع احترامك
وإن كنت صادقة،
ولا الكف عن حبك
Página desconocida