كأنَّ الريحَ تأتيها بريًا ... حبيٍب قد تباعد منه شخصُ
فيطرِبها إلى أن يعتريها ... من الإطرابِ تصفيقٌ ورقصُ
وهذا المعنى مأخوذ من أبياتٍ وجدتها منسوبةً إلى ابن المعتز، ولستُ أظنها له:
كأنما النيلُ إذا ... نسيمُ ريحٍ حركهْ
بنيةٌ ترقصُ في ... غلالةٍ ممسكهْ
تريكَ من تخليعها ... في كلِّ عضوٍ حركهْ
وأخذ ابن رشيق البيت الثالث من قول ابن وكيع:
قم فاسقني قهوةً إذا انبعثتْ ... في باخلٍ جادَ بالذي ملكهْ
لو خامرتْ صخرةً بسورتها ... لأحدثت في سكونها حركهْ
على غدير إذا الصبا درجتْ ... في متنه أظهرتْ لنا حبكهْ
كأن أيدي الرياح قد بسطتْ ... لنا على وجهِ مائهِ شبكهْ
والأصل قول الصنوبري:
سقى حلبًا سافكٌ دمعه ... بطيءُ الرقو إذا ما سفكْ
ميادينها بسطهن الرياض ... وأنهارها وسطهنَّ البرَكْ
ترى الريحَ تنسجُ من مائها ... دروعًا مضعفةً أو شبكْ
كأنَّ الزجاجَ عليها أذيبَ ... وماءَ اللجينِ بها قدْ سبكْ
وقال ظافرُ الحداد من قصيدة:
وطورًا على ماءِ الخليج وقد جلا ... عليه نسيمُ الريحِ كشحًا معكنَا
كأنَّ حبابَ الماءِ ثوبٌ مرايشٌ ... وقد شابه لونُ الضحى فتلونا
وكانَ كأحناكِ الظباءِ تثاءَبتْ ... فأظهرنَ تدريجًا هناكَ مغضنا
إذا برم التيارُ داراتهِ حكى ... أناملَ خراط تجرد مدهنا
1 / 63