Maravillas del Corán y Deseos del Furqan
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
عن نفسه ويضيفه إلى غيره أو يدفع بعضكم بعضا عن البراءة ويتهمه. وأصله تدارأتم أدغمت التاء في الدال فاحتيج إلى همزة الوصل ، ويحتمل أن يرجع الضمير في «فيها» إلى القتلة المعلومة من قتلتم ( والله مخرج ) مظهر لا محالة ما كتمتم من أمر القتيل. وقد حكي ما كان مستقبلا في وقت التدارؤ كما حكي الحاضر في قوله ( وكلبهم باسط ذراعيه ) [الكهف : 18] فلهذا صح عمل اسم الفاعل. وهذه الجملة معترضة ، وفيها دليل على جواز عموم النص الوارد على السبب الخاص ، لأن هذا يتناول كل المكتومات. وفيها دليل على أن الله لا يحب الفساد ، وأنه سيجعل إلى زواله سبيلا ، وأن ما يسره العبد من خير أو شر ودام ذلك منه فالله سيظهره ، ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم «إن عبدا لو أطاع الله من وراء سبعين حجابا لأظهر الله ذلك على ألسنة الناس» وكذلك المعصية والضمير في ( اضربوه ) عائد إلى النفس ، والتذكير على تأويل الشخص أو الإنسان ، ويحتمل أن يعود إلى القتيل بدلالة ( قتلتم ) أو ( ما كنتم تكتمون ) واختلف في البعض من البقرة فقيل لسانها ، وقيل : فخذها اليمنى ، وقيل : عجبها ، وقيل : العظم الذي يلي الغضروف وهو أصل الأذن ، وقيل : الأذن ، وقيل : البضعة من بين الكتفين ، والظاهر أنهم كانوا مخيرين بين أي بعض أرادوا ، وهاهنا محذوف بدلالة الفاء الفصيحة والمعنى فضربوه فحيي فقلنا كذلك يحيي الله الموتى. روي أنهم لما ضربوه قام بإذن الله وأوداجه تشخب دما وقال : قتلني فلان وفلان وهما ابنا عمه ثم سقط ميتا فأخذا وقتلا ولم يورث قاتل بعد ذلك ، ويؤيده قوله نبينا صلى الله عليه وسلم «ليس للقاتل من الميراث شيء» (1) والسر فيه أنه استعجل الميراث فناسب أن يعارض بنقيض مقصوده وهو قول الشافعي. ولم يفرق بين أن يكون القتل مستحقا كالعادل إذا قتل الباغي ، أو غير مستحق عمدا كان أو خطأ. وعند أبي حنيفة لا يرث في العمد والخطأ إلا أن العادل إذا قتل الباغي فإنه يرثه. وقال مالك : لا يرثه من ديته ويرثه من سائر أمواله. ومحل ( كذلك ) نصب على المصدر أي يحيي الله الموتى مثل ذلك الإحياء. وهذا الكلام إما مع الذين حضروا حياة القتيل لأنهم وإن كانوا مؤمنين بذلك إلا أنهم لم يؤمنوا بذلك من طريق العيان والمشاهدة ، وشتان بين عين اليقين وعلم اليقين. وإما أن يكون مع منكري البعث في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعلى هذا لا يحتاج إلى تقدير «فقلنا» بعد تقدير «فضربوه فحيي» ( ويريكم آياته ) دلائله على أنه قادر على كل شيء. فدلالة هذه القصة على وجود الصانع القادر على كل المقدورات العالم بكل المعلومات المختار في الإيجاد والإعدام آية ، ودلالتها على صدق موسى عليه السلام
Página 312