فساروا في الشوارع المظلمة حتى بلغوا الشاطئ، فأبدى الحارس إشارة وإذا بقارب ظهر فركبوه.
ولبثوا في خوف ووجل بضع دقائق ثم رأوا مركبا قد وقفت في مركز خفي، وقبل أن ينتبهوا من غفلتهم رأوا ذواتهم على ظهر تلك المركب وقد عاد الحارس في قاربه إلى الشاطئ، ولما هدأ روعهم قال هنري للقبطان: ما معنى كل هذا؟ - معناه أنكم نجوتم. - وكيف ذلك؟ ومن الذي أنقذنا؟ - لا أدري، وجل ما أعلمه أنني اليوم حصلت على ورقة ضمنها مبلغ وافر من النقود مآلها أن أنتظر ثلاثة أشخاص يركبون باخرتي فأذهب بهم إلى إنكلترا، ومع التذكرة والمال جواز عليه توقيع كارير الحاكم.
فتعجب الثلاثة لهذا الخبر ولم يعلموا سببه، أخيرا قالت الفتاة للقبطان: ما الساعة الآن؟ - الثانية عشرة ونصف.
فأسرعت الفتاة وأخرجت الرسالة من جيبها وفضت ختمها وهذه صورتها:
إلى السيدة بولاند دي كلارفيل
منذ عشرين سنة في يوم زواجك وضعت زهرة من إكليل عرسك على نعش شقيقتي وكانت في السنة السادسة عشرة من عمرها، فأرغب أن أفي الدين الذي علي «ومن أجل زهرتك» أمنحك ثلاثة أنفس.
الإمضاء
كارير (47) هواجس
جاءني صديقي الأمير أمين أرسلان ذات يوم ودفع لي 80 فرنكا من ماله الخاص وسألني أن أجعل تلك القيمة جائزة لعمل يأتيه قراء الجريدة اقتداء بجرائد أوروبا، وهي غيرة تذكر لجناب الأمير الكريم بالشكر العظيم. فاخترت قصيدة للشاعر الفرنساوي «ألفريد دي موسيه» عنوانها «تذكري» ونشرتها في «لسان الحال» باللغة الفرنساوية ثم نشرت ترجمتها نثرا حرفيا لفائدة الذين لا يعرفون اللغة الفرنساوية، وعرضت على الشعراء أن ينظموا القصيدة المذكورة في الشعر العربي مع حفظ كل معانيها وعدم زيادة شيء عليها من المبالغات العربية، ونشرت شروط الجائزة وغير ذلك بما استغرق 4 أعمدة من الجريدة، وأخذت المسودة بنفسي إلى عبد الله أفندي نجيب المكتوبجي، فلما رأى المسودة أشار إلى القصيدة الفرنساوية وقال: ما هذا؟ فأعلمته بجلية الخبر، فحذفها للحال قائلا: إن امتياز جريدتكم أن تنشروها باللغة العربية، ثم أمرني أن أقرأ ما بقي فقرأت له ترجمة البيت الأول وهو:
إذا شابت ناصية الليل وأشرقت الشمس على قصرك البهيج تذكري.
Página desconocida