مضى ابن عفان إلى جنة
وابن خجا عثمان للنار
هذا شهيد الدار أكرم به
وذا قتيل الخزي والعار
ثم اتجه السيد إبراهيم الجمال إلى البربير سائلا: أرأيت عثمان خجا على الحمار؟ - رأيته فلم أدر أيهما الحمار؟ - وهل قلت في ذلك شيئا؟ - لا يا سيدي لقد كان «الموقف» صعبا، والمسألة لا تحتاج إلى «تعليق» فعلا الضحك من كل ناحية، فلما هدأ المجلس التفت السيد بدوي إلى الجمال وقال: أرسلت خادمي اليوم إلى ساحة القمح لشراء إردب من القمح فلم يجد بها حبة واحدة! فأسرع البربير قائلا: إن القمح يا سيدي أندر اليوم من اللؤلؤ، وقد علمت أن النساء يتخذن منه قلائد في نحورهن، فقال الشيخ صديق: لقد أصبحت الحال لا تطاق، ومن العجيب أن يعين الفرنسيين طائفة من أهل البلد، فصاح الشيخ البربير قائلا: مدد يا حمامي مدد!
صاهرت مينو فلم تترك لجائعنا
بزا نصون به نفسا من العطب
متنا ومات بنونا بين أعيننا!
جوعا وعريا فرفقا يا أبا نسب!
فظهر الألم والحزن في وجوه القوم، وبينما هم سكوت واجمون، إذا صوت يجلجل في فناء الدار، هو صوت الشيخ علي سريط، وكان يقول: القاتل والمقتول سواء، وقد يتأخر الجزاء، طال الليل، وظهرت تباشير الصباح، ولكل غدو رواح، والرحيل الرحيل، بعد قليل قليل، فنظر بعض القوم إلى بعض، وقال الشيخ البربير: إن الشيخ عليا شديد التفاؤل هذه الليلة، أرجو أن يحقق الله رجاءه، ثم أخذوا في الانصراف.
Página desconocida