فنظر عبد الرحمن إلى شمر وحملق فيه وهو لا يعبأ بما يتهدده من الخطر في ذلك الوقت وقال: لم أخف نسبي خوفا على حياتي، ولا أرى في نسبي إلا ما يدعو إلى الافتخار.
قال شمر: قل إذن من أنت؟
فرفع عبد الرحمن صوته وقال: إني من كندة، واسمي عبد الرحمن، وعمي حجر بن عدي الذي قتلتموه ظلما وعدوانا.
فتعجب يزيد من جرأته وقال: أتقول ذلك ولا تخاف؟
قال: مم أخاف وقد أقررت بعزمي جهارا؟
وكان ابن زياد جالسا بجانب يزيد يسمع ما يدور بينهما، فلما سمع قوله أراد مطاولته فقال: إنك مصاب في عقلك، فأقلع عما أنت فيه، فإن حلم أمير المؤمنين لا يضيق عن وقاحتك، فاستغفر لذنبك وارجع عن غيك.
قال: مه يا ابن زياد، لا تتوسط في استبقائي، ولا تذكروا حلمكم؛ فما لي حاجة إليه.
قال يزيد والغضب ظاهر في وجهه: قد كنا أجلنا قتلك إلى الغد لعلك تتوب وتندم على وقاحتك، فإذا أنت مستعجل أجلك، فاعلم أنك مقتول قبل أن تطلع شمس الغد. خذوه إلى السجن وأروني رأسه في الصباح.
ولما هموا بجره إلى السجن قال شمر: فليأذن لي مولاي أن أقتله بيدي.
قال: اقتله وأتني برأسه غدا، إلا إذا رجع عن غيه واستغفر ولعن أبا تراب.
Página desconocida