Andalucía: Su Pasado y Su Presente
غابر الأندلس وحاضرها
Géneros
وقال ريناخ: لم تكتف إسبانيا بما قامت به من المظالم باسم الدين وإحراق البشر وقتلهم وتعذيبهم؛ بل رأت أن توهم الناس أنه لا سبيل إلى قيام وحدتها إلا بنفي اليهود سنة 1492 ونفي العرب (1609) فسار مئات الألوف منهم يهجرون بلادهم، وهلك منهم في الطرق عشرات الألوف، فحرمت إسبانيا من أحسن العاملين فيها ، وفقدت تجارها الماهرين، وأطباءها الحاذقين، وقد قتل في إسبانيا وحدها بفعل ديوان التفتيش الديني نحو مائة ألف إنسان على الأقل، ونفي منها مليون ونصف، وبذلك خربت مدنية تلك البلاد الجميلة.
وقال سيديليو: كان طرد العرب من إسبانيا من موجبات تأخرها كما وقع لمدينة نانت يوم طرد منها من كان مخالفا للكثلكة فأضر ذلك بالصناعة الفرنساوية، وقد تمكن الكردينال كسيمنس من تعوير جميع آثار المسلمين، وأمر بإحراق ثمانين ألف مخطوط عربي في ساحات غرناطة.
هوامش
الفصل العشرون
سقوط الأندلس
كان العرب في الأندلس في جهاد دائم مع أعدائهم منذ وطئ طارق بن زياد وموسى بن نصير أرضها، ورفعوا علم الأمويين على ربوعها، ودفعوا بأعدائهم إلى أقصى الشمال. يسكن الجلالقة وغيرهم إذا وجدوا العرب مستمسكين بعروة الوحدة، ومتى شاهدوا اختلاف أمور العرب أو آنسوا من بعضهم ميلا إليهم أو نزوعا إلى الاحتماء بهم؛ لينالوا من خصومهم يحملون حملات منكرة، ويقاتلون أعداءهم بكل ما فيهم من قوة؛ ولذلك قلت غارات الإسبانيين والبرتغاليين على البلاد التي نزلها العرب على عهد دولة بني أمية أوائل المائة الخامسة، وإن كان الثوار لم ينقطعوا تماما في الداخل عن مجاذبة الأمويين حبل السلطة.
ثم فسدت عصبية هذه الدولة من العرب، واستولى ملوك الطوائف على الأندلس، واقتبسوا خطتها، وتنافسوا بينهم، وتوزعوا ممالك الدولة، وانتزا كل واحد منهم على ما كان في ولايته، وشمخ بأنفه، وبلغهم شأن العجم مع الدولة العباسية فتلقبوا بألقاب الملك، ولبسوا شارته، واستبد كل واحد منهم بجانب من الأندلس، ودعا نفسه ملكا فتلقبوا بالناصر والمنصور والمعتمد والمعتضد والمظفر، وأمثالها حتى نعى عليهم ابن شرف عملهم بقوله المأثور:
مما يزهدني في أرض أندلس
أسماء معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها
Página desconocida