Andalucía: Su Pasado y Su Presente
غابر الأندلس وحاضرها
Géneros
مكاتب لليتامى من نواحيها
لو مكنت سور القرآن من كلم
نادتك يا خير تاليها وواعيها
وأحدث رضوان النصري (760) المدرسة بغرناطة، ولم تكن بها، وكانوا كما قال ابن سعيد: يقرءون في جميع العلوم في المساجد بأجرة، فهم يقرءون لأن يعملوا لا لأن يأخذوا جاريا، فالعالم منهم بارع؛ لأنه يطلب ذلك العلم بباعث من نفسه يحمله على ذلك أن يترك الشغل الذي يستفيد منه وينفق من عنده حتى يعلم.
وكثيرا ما كان ملوك الأندلس يقترحون على الناس حفظ الكتاب الفلاني من كتب الأدب والعلم، ومن حفظه فله كذا دينار، فما هو إلا أن يحفظه مئات طمعا في الجائزة، وعم التلذذ بالأدب جميع طبقات المجتمع عندهم، وكثير من الشعراء كانوا ينتجعون بشعرهم الملوك والأمراء يمتدحونهم فيصلونهم ويئونهم زمنا على نحو ما كانت الحال في القرون الوسطى في المتشاعرين المتغنين بالشعر المتكففين في بلاد الإفرنج، ويسمونهم بالإفرنسية: التروبادور والتروفير
Les Troubadours et les Trouueres .
4
وكان تعليم البنات شائعا عندهم، وكثير منهن يحفظن بضعة دواوين من دواوين العرب، وينظمن ويترسلن كالأوروبيات اليوم، وإذا عرفت أن المدارس كانت مبذولة في المدن والقرى فلا تستغرب بعد ذلك أن قال أحد مؤرخي الإفرنج: إن سكان إسبانيا الإسلامية إلا قليلا كانوا يقرءون ويكتبون على حين كان أهل الطبقة العليا في أوروبا المسيحية أميين لا يقرءون ما عدا أفرادا قلائل من الشمامسة جعلوا الكتابة من شأنهم.
وكان للأندلسيين غرام بتسبيل الكتب على المطالعة، ولهم خزائن كتب عامة وخاصة، وكانت قرطبة أكثر بلاد الأندلس كتبا، وأهلها أشد الناس اعتناء بخزائن الكتب صار ذلك عندهم من آلات التعيين والرئاسة، فلا يكاد يخلو دار من خزانة فيها كتب قيمة، وقد أنشأ الحكم الثاني عدة مكاتب للمطالعين فكان يرسل وكلاءه إلى المشرق يستنسخون الأسفار فما هو إلا أن يؤلف المؤلف تصنيفه حتى تستنسخ منه نسخة أو تنسخ لتحمل إلى خليفة الأندلس، ولا يفوت بلاده شيء من حركة العقول، وكانت دار كتبه تحتوي على أربعمائة ألف مجلد جاء فهرسها في أربعة وأربعين مجلدا، ولطالما أجزل ملوك الأندلس الصلات لبعض مؤلفي الشرق والأندلس حتى يذكروا في مقدمتها أنهم ألفوها برسم خزائنهم، ومن المؤلفين من كانوا يرضون بذلك، ومنهم من لا يرضون به يقصدون أن يكون لمن يستفيد منه.
وكان للعلماء والمؤرخين والشعراء والأدباء في الأندلس مجامع علمية وأدبية أشبه بالمجامع أو الأكاديميات في هذا العصر، وذلك لنشر العلم والمعارف، ومفاوضة الحكمة بينهم، فتنتج من اجتماعهم فوائد مهمة للعلم والمدنية، وكان المظفر بن الأفطس صاحب بطليوس من أعلم الملوك بالأدب، وله التصنيف المترجم بالتذكرة، والمشتهر بالكتاب المظفري في خمسين مجلدا في الفنون والعلوم، واستأدب لبنيه أبا عبد الله بن يونس، وكان يحضره، وأبا الحزم بن عليم وأمثالهما للمذاكرة والمباحثة فيفيد ويستفيد، وكان لأبي عامر أمير الأندلس في دولة هشام المؤيد مجلس معروف في الأسبوع يجتمع فيه أهل العلوم للكلام فيها بحضرته.
Página desconocida