بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
Editorial
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
Edición
الأولى
Año de publicación
1419 AH
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
Ciencia del Hadiz
صَلَّيْتُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّه ﷺ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا) . فِيهِ دَلِيلَانِ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَمَخَافَةِ الْهَلَاكِ: الْأَوَّلُ: التَّبَسُّمُ وَالِاسْتِبْشَارُ. وَالثَّانِي: عَدَمُ الْإِنْكَارِ. لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ، وَالتَّبَسُّمُ وَالِاسْتِبْشَارُ أَقْوَى دَلَالَةً مِنْ السُّكُوتِ عَلَى الْجَوَازِ، فَإِنَّ الِاسْتِبْشَارَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْجَوَازِ بِطَرِيقِ الْأُولَى. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ وَصَلَّى لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ، وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَأَمَرَهُ بِهَا، وَلِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ وَقَدِرَ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ مَنْ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: لَا يَتَيَمَّمُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ مَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسَخِّنَ الْمَاءَ أَوْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى وَجْهٍ يَأْمَنُ الضَّرَر مِثْلَ أَنْ يَغْسِلَ عُضْوًا وَيَسْتُرهُ، وَكُلَّمَا غَسَلَ عُضْوًا سَتَرَهُ وَدَفَّاهُ مِنْ الْبَرْدِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الاخْتِيَارَات: وتصلي المرأة بالتيمم عن الجنابة إذا كان يشق عليها تكرار النزول إلى الحمام، ولا تقدر على الاغتسال في البيت. وكل من صلى في الوقت كما أمر بحسب الإمكان فلا إعادة عليه، سواء كان العذر نادرًا أو معتادًا، قاله أكثر العلماء. انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ إثْبَاتُ التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ وَسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ، وَصِحَّةُ اقْتِدَاءِ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْعُمُومَاتِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَقَوْلُهُ: (وَأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ) . لَعَلَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: «صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ» .
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ
٤٥٤- عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِإِبِلٍ فَكُنْتُ فِيهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: هَلَكَ أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: «مَا حَالُكَ»؟
1 / 122