Garden of the Devout
روضة العابدين
Editorial
مكتبة الجيل الجديد
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Ubicación del editor
صنعاء - اليمن
Géneros
سلامته طريق إلى العمل الخالص للآخرة، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر: ٩]. قال ابن كثير: " وقوله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ أي: في حال عبادته خائف راجٍ، ولا بد في العبادة من هذا وهذا، وأن يكون الخوف في مدة الحياة هو الغالب؛ ولهذا قال تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ " (^١). قال ابن القيم: " وكلما صح القلب من مرضه ترحّل إلى الآخرة، وقرب منها، حتى يصير من أهلها، وكلما مرض القلب واعتل آثرَ الدنيا واستوطنها، حتى يصير من أهلها" (^٢).
وتذكّر الوقوفَ بين يدي الله للمسألة والحساب في ذلك اليوم، واحضرِ الأحوال المذكّرة لك بالآخرة؛ فإن ذلك من أعظم ما يحث سيرك إلى العمل والاستعداد.
قال الفضيل لرجل: "كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة، قال له: أنت من ستين سنة تسير إلى ربك! يوشك أن تبلغ، فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال الفضيل: من علم أنه لله عبد، وأنه إليه راجع، فليعلم أنه موقوف، وأنه مسؤول، فليعد للمسألة جوابًا، فقال له الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة، قال: ماهي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقي أُخذت بما مضى وما بقي" (^٣). وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (عُودُوا الْمَرضى، وَامْشُوا مَعَ الْجَنَائِزِ تُذَكِّرْكُمُ الْآخِرَةَ) (^٤).
اعرف حقيقة الدنيا:
إن أعظم ما يعلِّق قلب الإنسان بالآخرة، ويجعله يستعد لها، ويسارع إلى أعمالها: أن
(^١) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٩).
(^٢) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٧١).
(^٣) لطائف المعارف، لابن رجب (ص: ١٠٨).
(^٤) رواه أحمد (١٧/ ٢٧٤)، وابن حبان (٧/ ٢٢١)، وهو صحيح.
1 / 368