Las iluminaciones de La Meca

Ibn Arabi d. 638 AH
166

Las iluminaciones de La Meca

الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية

Editorial

دار إحياء التراث العربي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1418هـ- 1998م

Ubicación del editor

لبنان

الحق أبلج لإخفاء بأنه . . . متوحد في عينه وسماته قال الله عز وجل وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فكان شيخنا أبو مدين يقول إذا سمع من يتلو هذه الآية القليل أعطيناه ما هو لنا بل هو معار عندنا والكثير منه لم نصل إليه فنحن الجاهلون على الدوام وقال من هذا الباب خضر لموسى عليه السلام لما رأى الطائر الذي وقع على حرف السفينة ونقر في البحر بمنقاره أتدري ما يقول هذا الطائر في نقره في الماء قال موسى عليه السلام لا أدري قال يا موسى يقول هذا الطائر ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا ما نقص من هذا البحر منقاري والمراد المعلومات بذلك لا العلم فإن العلم لو تعدد أدى أن يدخل في الوجود ما لا يتناهى وهو محال فإن المعلومات لا نهاية لها فلو كان لكل معلوم علم لزم ما قلناه ومعلوم أن الله يعلم ما لا يتناهى فعلمه واحد فلا بد أن يكون للعلم عين واحدة لأنه لا يتعلق بالمعلوم حتى يكون موجودا وما هو ذلك العلم هل هو ذات العالم أو أمر زائد في ذلك خلاف بين النظار في علم الحق سبحانه ومعلوم أن علم الله متعلق بما لا يتناهى فبطل أن يكون لكل معلوم علم وسواء زعمت أن العلم عين ذات العالم أو صفة زائدة على ذاته إلا أن تكون مممن يقول في الصفات أنها نسب وإن كنت ممن يقول أن العلم نسبة خاصة فالنسب لا تتصف بالوجود نعم ولا بالعدم كالأحوال فيكمن على هذا أن يكون لكل معلوم علم وقد علمنا أن المعلومات لا تتناهى فالنسب لا تتناهى ولا يلزم من ذلك محال كحدوث التعلقات عند ابن الخطيب والأسترسال عند إمام الحرمين وبعد إن فهمت ما قررناه في هذه المسئلة فقل بعد ذلك ما شئت من نسبة الكثرة للعلم والقلة فما وصف الله العلم بالقلة إلا العلم الذي أعطى الله عباده وهو قوله وما أوتيتم أي أعطيتهم فجعله هبة وقال في حق عبده خضر وعلمناه من لدنا علما وقال علم القرآن فهذا كله يدلك على أنه نسبة لأن الواحد في ذاته لا يتصف بالقلة ولا بالكثرة لأنه لا يتعدد وبهذا نقول إن الواحد ليس بعد وإن كان العدد منه ينشأ ألا ترى إن العالم وإن استند إلى الله ولم يزل أن يكون الله من العالم كذلك الواحد وإن نشأ منه العدد فإنه لا يكون بهذا من العدد فإنه لا يكون بهذا من العدد فالوحدة للواحد نعت نفسي لا يقبل العدد وإن أضيف إليه فإن كان العلم نسبة فإطلاق القلة والكثرة عليه إطلاق حقيقي وإن كان غير ذلك فإطلاق القلة والكثرة عليه إطلاق مجازي وكلام العرب مبني على الحقيقة والمجاز عند الناس وإن كنا قد خالفناهم في هذه المسئلة بالنظر إلى القرآن فإنا ننفي أن يكون في القرآن مجاز بل في كلام العرب وليس هذا موضع شرح هذه المسئلة والذي يتعلق بهذا الباب علم الوهب لا علم الكسب فإنه لو أراد الله العلم المكتسب لم يقل أوتيتم بل كان يقول أوتيتم الطريق إلى تحصيله لا هو وكان يقول في خضر وعلمناه طريق اكتساب العلوم لم يقل شيئا من هذا ونحن نعلم أن ثم علما إكتسبناه من أفكارنا ومن حواسنا وثم علما لم نكتسبه بشيء من عندنا بل هبة من الله عز وجل أنزله في قلوبنا وعلى أسرارنا فوجدناه من غير سبب ظاهر وهي مسئلة دقيقة فإن أكثر الناس يتخيلون أن العوم الحاصلة عن التقوى علوم وهب وليست كذلك وإنما هي علوم مكتسبة بالتقوى فإن التقوى جعلها الله طريقا إلى حصول هذا العلم فقال إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا وقال واتقوا الله ويعلمكم الله كما جعل الفكر الصحيح سببا لحصول العلم لكن بترتيب المقدمات كما جعل البصر سببا لحصول نالعلم بالمبصرات والعلم الوهبي لا يحصل عن سبب بل من لدنه سبحانه فاعلم ذلك حتى لا تختلط عليك حقائق الأسماء الإلهية فإن الوهاب هو الذي تكون أعطياته على هذا الحد بخلاف الإسم الإلهي الكريم والجواد والسحى فإنه من لا يعرف حقائق الأمور لا يعرف حقائق الأسماء الإلهية ومن لا يعرف حقائق الأسماء الإلهية لا يعرف تنزيل الثناء على الوجه اللائق به فلهذا انبهتك لتنتبه فلا تكونن من الجاهلين فالنبوات كلها علوم وهيبة لأن النبوة ليست مكتسبة فالشرائع كلها من علوم الوهب عند أهل الإسلام الذين هم أهله وأريد بالإكتساب في العوم ما يكون للعبد فييه تعمل كما أن الوهب ما ليس للعبد فيه تعمل وإنما قلنا هذا من أجل الإستعدادات التي جعلت العالم يقبل هذا العلم الوهبي والكسبي فإنه لابد من الإستعداد فإن وجد بعض الأستعدادات مما يتعمل الإنسان في تحصيلها كان العلم الحاصل عنها مكتسبا كمن عمل بما علم فأورثه ته علم ما لم يكن يعلم وأشباه ذلك فالشرائع كلها علوم وهبية وممن حصل علوم وهب مما ليس بشرع جماعة قليلة من الأولياء منهم الخضر على التعيين فإنه قال من لدنه والذي عرفناه من النبياء عليهم السلام آدم وإلياس وزكريا ويحيى وعيسى وإدريس وإسمعيل وإن كان قد حصله جميع الأنبياء عليهم السلام ولكن ما ذكرنا منهم إلا من حصل لنا التعريف به وسموا لنا من الوجه الذي نأخذ عن الله تعالى منه ففلهذا سمينا هؤلاء ولم نذكر غيرهم فأما قوله تعالى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فليس بنص في الوهب ولكن له وجهان وجه يطلبه أوتيتم ووجه يطلبه ققليلا من الإستقلال أي ما أعطيتم من العم إلا ما تستقلون نجمله ومالا تطقونه ما أعطينا كموه فإنكم ما تستقلون به فيدخل في هذا العطاء علوم النظر فإنها علوم تستقل العقول بإدراكها واختلف أصحابنا في العلم المحدث هل يتعلق بما لا يتناهى من المعلومات أم لا فمن منع إن تعرف ذات الله منع من ذلك ومن لم يمنع من ذلك لم يمنع حصوله ولكن ما نقل إلينا أنه حصل لأحد في الدنيا وما أدري في الآخرة ما يكون فإنا قد علمنا أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد علم علم الأولين والآخرين وقد قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه أنه يحمد الله غددا يوم القيامة بمحامد عندما يطلب من الله عز وجل فتح باب الشفاعة أخبر أن الله تعالى يعلمه إياها في ذلك الوقت لا يعلمها الآن فلو علمها غيره لم يصدق قوله علمت علم الأولين والآخرين وهو صلى الله عليه وسلم الصادق في قوله فحصل من هذا أن أحدا لم يتعلق علمه بما لا يتناهى ولهذا ما تكلم الناس إلا في إمكانه هل يمكن أم لا وما كل ممكن واقع ووقوع الممكنات من المسائل المغلقة وكيف يكون ثم ممكن ولا يقع وهو المعقول عندنا في كل وقت فإن ترجيح أحد الممكنين أو الممكنات يمنع من وقوع ما ليس بمرجح في الحال فإن كان الذي لم يقع في الوجود من الممكنات مرجحا عدم وقوعه في الوجود فيكون عدمه مرجحا فقد وقع الممكن فإنه لا يلزم فيه من حيث الإمكان إلا اتصافه بكونه مرجحا سواء ترجح عدمه أو وجوده وإذا كان كذلك فقد وقع كل ممكن بلا شك وإن لم تتناه الممكنات فإن الترجيح ينسحب عليها وهي مسئلة دقيقة فإن الممكنات وإن كانت لا تتناهى وهي معدومة فإنها عندنا مشهودة للحق عز وجل من كونه يرى فإنا لا نعلل الرؤية بالوجود وإنما نعلل الرؤية للأشياء بكون المرئي مستعد القبول تعلق الرؤية به سواء كان معدوما أو موجودا وكل ممكن مستعد للرؤية فالممكنات وإن لم تتناه فهي مرئية لله عز وجل لا من حيث نسبة العلم بل من نسبة أخرى تسمى رؤية كانت ما كانت قال تعالى ' ألم يعلم بأن الله يرى ' ولم يقل هنا ألم يعلم بأن الله يعلم وقال ' تجري بأعيننا ' أي بحيث نراها وقال أيضا لموسى وهارون ' إنني معكما أسمع وأرى ' والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء الرابع والعشرون . بسم الله الرحمن الرحيم

الباب السابع والأربعون في معرفة أسرار وصف المنازل السفلية ومقاماتها

وكيف يرتاح العارف عند ذكره بدايته فيحن إليها مع علو مقامه وما السر الذي يتجلى له حتى يدعوه إلى ذلك :

ولما رأيت الحق بالأول اتصف . . . أتيت إلى بحر البداية اغترف

بلذة ظمئان لا شرب شربة . . . فيشهدني في غاية الحال اعترف

فيا بردها من شربة مستلذة . . . على كبد حراء فاعمل لها وقف

فإن لذاك الشرب في القلب لذة . . . ترى ربها في الوقت بالعجب يتصف

ولا يحجبنه عجبه عن شهوده . . . ولا ما يرى فيه من الزهو والصلف

فإن له فيمن تقدم أسوة . . . فما خلف إلا ومثل لها سلف

وراثة مختار ونعت محقق . . . بأسماء حق بالحقيقة مكتنف

وإن نهايات الرجال بداية . . . لقوم أتوا من بعدهم ما لهم خلف

Página 323