Las iluminaciones de La Meca

Ibn Arabi d. 638 AH
146

Las iluminaciones de La Meca

الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية

Editorial

دار إحياء التراث العربي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1418هـ- 1998م

Ubicación del editor

لبنان

لطفت ذاتا فما يدركها . . . عالم الأنفاس أنفاس النسيم

اعلم أيدك الله أن أصحاب النجب في العرف هم الركبان قال الشاعر :

فليت لي بهمو قوما إذا ركبوا . . . شدوا الإغارة فرسانا وركبانا الفرسان ركاب الخيل والركبان ركاب الإبل فالأفراس في المعروف تركبها جميع الطوائف من عجم وعرب والهجن لا يستعملها إلا العرب والعرب أرباب الفصاحة والحماسة والكرم ولما كانت هذه الصفات غالبة على هذه الطائفة سميناهم بالركبان فمنهم من يركب نجب الهمم ومنهم من يركب نجب الأعمال فلذلك جعلناهم طبقتين أولى وثانية وهؤلاء أصحاب الركبان هم الأفراد في هذه الطريقة فإنهم رضي الله عنهم على طبقات فمنهم الأقطاب ومنهم الأئمة ومنهم الأوتاد ومنهم الأبدال ومنهم النقباء ومنهم النجباء ومنهم الرجبيون ومنهم الأفراد وما منهم طائفة إلا وقد رأيت منهم وعاشرتهم ببلاد المغرب وببلاد الحجاز والشرق فهذا الباب مختص بالأفراد وهي طائفة خارجة عن حكم القطب وحدها ليس للقطب فيهم تصرف ولهم من الأعداد من الثلاثة إلى ما فوقها من الأفراد ليس لهم ولا لغيرهم فيما دون الفرد الأول الذي هو الثلاثة قدم فإن الأحدية وهو الواحد لذات الحق والاثنان للمرتبة وهو توحيد الألوهية والثلاثة أول وجود الكون عن الله فالأفراد في الملائكة الملائكة المهيمون في جمال الله وجلاله الخارجون عن الأملاك المسخرة والمدبرة اللذين هما في ععالم التدوين والتسطير وهم من القلم والعقل إلى ما دون ذلك والأفراد من الأنس مثل المهيمة من الأملاك فأول الأفراد الثلاثة وقد قال صلى الله عليه وسلم الثلاثة ركب فأول الركب الثلاثة إلى ما فوق ذلك ولهم من الحضرات الإلهية الحضرة الفردانية وفيها يتميزون ومن الأسماء الإلهية الفرد والمواد الواردة على قلوبهم من المقام الذي ترد منه على الأملاك المهيمة ولهذا يجهل مقامهم وما يأتون به مثل ما أنكر موسى عليه السلام على خضر مع شهادة الله فيه لموسى عليه السلام وتعريفه بمنزلته وتزكية الله إياه وأخذه العهد عليه إذ أراد صحبته ولما علم الخضر أن موسى عليه السلام ليس له ذوق في المقام الذي هو الخضر عليه كما أن الخضر ليس له ذوق فيما هو موسى عليه من العلم الذي علمه الله إلا أن مقام الخضر لا يعطي الاعتراض على أحد من خلق الله لمشاهدة خاصة هو عليها ومقام موسى والرسل يعطي الاعتراض من حيث هم رسل لا غير في كل ما يرونه خارجا عما أرسلوا به ودليل ما ذهبنا إليه في هذا قول الخضر لموسى عليه السلام ' وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ' فلو كان الخضر نبيا لما قال له ما لم تحط به خبرا فالذي فعله لم يكن من مقام النبوة وقال له في انفراد كل واحد منهما مبقامه الذي هو عليه قال الخضر لموسى عليه السلام يا موسى أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه أنا وافترقا وتميزا بالإنكار فالإنكار ليس من شأن الأفراد فإن لهم الأولية في الأمور فهم ينكر عليهم ولا ينكرون قال الجنيد لا يبلغ أحد درج الحقيقة حتى يشهد فيه ألف صديق بأنه زنديق وذلك لأنهم يعلمون من الله ما لا يعلمه غيرهم وهم أصحاب العلم الذي كان يقول فيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين يضرب بيده إلى صدره ويتنهد أن ههنا لعلوما جمة لو وجدت لها حملة فإنه كان من الإفراد ولم يسمع هذا من غيره في زمانه إلا أبي هريرة ذكر مثل هذا خرج البخاري في صحيحه عنه أنه قال حملت عن النبي صلى الله عليه وسلم جرابين أما الواحد فبثثته فيكم وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم البلعوم مجرى الطعام فأبو هريرة ذكر أنه حمله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيه ناقلا عن غير ذوق ولكنه علم لكونه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن إنما نتكلم فيمن أعطى عين الفهم في كلام الله تعالى في نفسه وذلك علم الأفراد وكان من الأفراد عبد الله بن العباس البحر كان يلقب به لاتساع علمه فكان يقول في قوله عز وجل ' الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لو ذكرت تفسيره لرجمتموني وفي رواية لقلتم إني كافر وإلى هذا العلم كان يشير علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين رضي الله عنهم بقوله فلا أدري هل هما من قيله أو تمثل بهما :

Página 260