يستجب في وهو ما دعاه، وإنما جنح إلى سبب خاص لم يقتضه الزمان ولا الوقت فعمل أيوبب حكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة(1)، وليس ذلك بحد للصبر عندنا . وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله . فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء ، وليس كذلك ، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى(2) إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي . ونحن ما(3) خوطبنا بالرضا بالمقضي . والضر هو المقضي ما هو عين القضاء . وعلم أيوب أن في(4) حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص اذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو(5) الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال وإن الذين يوذون الله ورسوله" . وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك ، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
78 -ب) كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له ، فقال العارف وإنما جوعني لأبكي" . يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا. فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله ، وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله. وقد عين الله الحق
Página 174