رجع: الله أكبر تعبدًا حتى يسقط فرض العبادة عن العبيد، ويلحق فرقد السماوة بفرقد السماء فيكون مجاوره، ويهبط النسر الطائر على قتيل الأرض فيأخذ لفرخيه خائس البضيع، وتخالط نعائم الجو، نعام الدو، فتتخذ الأداحي وتودعها بيوت الرئال وترتع في الشرى والتنوم، ولله الملك إقرارًا بالعظمة حتى ينزل حمل الخضراء فيشرك الرخل في خلف الشاة ويكرب على ثورها القراح، أو يساق في الهدى فيقلد النعل ويشعر بالمدية للمساكين، وتدعى الجوزاء أما للفرير، ويمحش السرطان فيلقى في الألدة ويقع الأسد وذراعاه وجبهته وسائر كواكبه فيتكون ليثًا في الغاب يطلب لشبليه لحوم الرجال، وتصير السنبلة على خامةٍ مستحصدةٍ، ويطرح في الميزان الحجرين أصحاب الحاجات والمتبايعون، وأستغفر الله حتى يجمع عقرب الشهب: شولتها وقلبها وزباناها وجميع تجومها سك ضيق في جدار قرمٍ منفضين يدركها الوليد بالغريفة وهي تدب فيلحقها بالهالكين. ولن يكون ذلك إلا بمشيئة رب العالمين.
وأضرع إلى الله في هبة التوفيق حتى ينزع في قوس برقع رامي الهاديات فيسمع لها ترنم وتلق عليها الجلائز وتصان من الأنداء وتجرى في فورضها الأوتار، وحتى يباع جدى الفرقد على يد حنة العتيل بالدرهم والدرهمين ويأخذ أديمه الرجل فيجعله شكوة يحتملها في القيظ. وأسأل الله الصفح عن الجرائم حتى يقوم المتساجلان على الطوى النزوع وقد جعلا الدلو الزحلى في طرف رشاء وعليه العراقي المنسوب إليها بعض الوسمى في الجاهلية فينزعا بها ماء يفرغانه في الحوض ليرد الفزر، وتحتاج إلى المسمع فيسمعاها، وإلى العناج فيشداه عليها، وتصير بعد ذلك شنة يتقاذف بها ولدان الصرم. وما زآل الملك لله ولن يزال؛ حتى ترغب السمكة المعروفة بالرشاء في سكنى اللجة فيصيدها ركبان الأرماث. غاية.
تفسير: خائس البضيع: منتن اللحم. والدو: موضع معروف لبني سعدٍ؛ يقال كل أرضٍ واسعةٍ فهي دو. والأداحي: مواضع البيض. وبيوت الرئال: البيض. والشرى والتنوم: نبتان يألفهما النعام. ويكرب: يحرث.
والقراح: الأرض الواسعة. ويمحش: يشوى حتى يحترق. والخامة: الطاقة من الزرع. والحجران: الذهب والفضة. والسبك: بيت العقرب؛ ويقال للبئر إذا كانت ضيقة سك. والغريفة: النعل. وبرقع: أسم من أسماء سماء الدنيا وهو أسم سرياني، أو عبراني، ويقال إن إسمه برقيعا؛ وقد جاء به بشر بن أبي خازمٍ فقال:
يدمى وجه حنته إذا ما ... تقول تلفتن إلى العيال
والشكوة: سقاء صغير يكون مع الراعي؛ ويقال إن الشكوة تكون من جلد الفطيم. العرقوتان العليا والسفلى: هما الفرغان الفرغ المقدم والفرغ المؤخر؛ كذا تقول أصحاب الأنواء. والعراقي هي خشب الدلو. والفروغ: ما بينها. وكانوا ينسبون بعض الوسمى إلى العراقي؛ ويجب أن يكون أول الوسمي؛ ومنه قول عدي بن زيدٍ:
في خريفٍ سقاه نوء من الدل ... وتدلى ولم تخنه العراقي
والإسماع للدلو: أن يشد جانبها أو أسفلها ليقل أخذها للماء؛ قال الراجز:
سألت عمرًا بعد بكرٍ خفا ... والدلو قد نسمع كي تخفا
قال بعضهم أراد بالخف: الجمل المسن؛ كما يقال للناقة: ناب. ويروى عن الأصمعي أنه قال: المعنى أنه سأله بكرًا من الإبل فلم يعطه فسأله خفًا يمشي به. والعناج: الحبل الذي يشد على عراقي الدلو. والكرب: حبل يشد في عراقي الدلو تحت العناج لئلا ينفلت، وقيل: هو العناج يثني، وقيل بل هو حبل يثني تحت الدلو إلى العناج. وكل أديمٍ خلق فهو شن وشنة. والصرم: الأبيات المجتمعة وليست بكثير. والأرماث: جمع رمثٍ وهو خشب يركب عليه في البحر.
رجع: لا آيس من رحمة الله ولو نظمت ذنوبًا مثل الجبال سودًا كأنهن بنات جميرٍ، ووضعتهن في عنقي الضعيفة كما ينظم صغار اللؤلؤ فيما طال من العقود، ولو سفكت دمٍ الأبرار حتى أستن فيه كاستنان الحوت في معظم البحر، وثوباى من النجيع كالشقيقتين والتربة منه مثل الصربة، لرجوت المغفرة إن أدر كني وقت للتوبة قصير، ما لم يحل الغصص، دون القصص، والجريض، دون التعريض. ولو بنيت بيتًا من الجرائم أسود كبيت الشعر يلحق بأعنان السماء، ويستقل عموده كاستقلال عمود الوضح، وتمتد أطنابه في السهل والجبل كإمتداد حبال الشمس، لهدمه عفو الله حتى لا يوجد له ظل من غير لباثٍ. غاية.
1 / 53