وكذلك الياء عنده في قراءة ابن كثير في قوله تعالى " إنه من يتقى ويصبر " ليست الياء التي في قولك: هو يتقي ويصبر؛ وإنما هي ياء مجتلبة لتمكين الحركة؛ وكذلك يرى الياء في قول الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني زياد
والمذهب القديم أنه بلغ بها الأصل فقال في الرفع يأتيك وأسكن الياء في الجزم. والأسماء المتمكنات: هي التي لا يلحقها علة.
رجع: رب الرقدة والسهرة، كنت في بيتٍ قليل الأهرة، فانقض طائر في بردى حبرةٍ، فولج فوهة محبرةٍ، أحد نفرٍ مطاريب، ترجمتهم عهر قليب، ظنها ماءً موردًا، فأراد أن يشفي صدى، ووجد ماءً ثمدا، جونًا لا ينقع أحدًا، فلما استقر في قعر زجاجةٍ، وبعد من قضاء الحاجة، رام الإصعاد في جدارٍ ملق، لا نشب فيه لمتعلق، فقلت فيها يهلكن ويدرك نفسه ما يدرك، أو يخرج من الحرج، فيقتل عمدًا، وعقله ليس بمؤدى، وغفلت عنه مائة نفس، فخلص ولم يقفس، ما ألطف مفرج الكربات! غاية.
تفسير: الأهرة: متاع البيت؛ قال الراجز:
أحسن بيتٍ أهرًا وبزًا ... كأنما لز بصخرٍ لزًا
والملق: الملس. ولم يقفس: لم يمت. وقفس هو إذا مات.
رجع: ليت شعري والله عليم، هل صبغ برده بمدادٍ، فخلص في حدادٍ، كالراهب في السواد، أم سلم نقى الأبراد، يخبر صحبه عن وادٍ، لا ينقع ماؤه صدى الوراد، وجرفه عزيز الإصعاد، ولعله دعا رازقه في الشدة، وفزع إلى العدة، فأنقذه من تلك الوهدة، والله كاشف الأزمات. غاية.
كان كثملٍ في مشربةٍ، أذن لمطربةٍ، فذكر حبائب غير مقتربةٍ، فلما ارفأن الشرب ونام، نهض وله ترنام، فقذف نفسه في سكٍ عضوضٍ، واقعها بطيء النهوض، والله باعث النقمات. غاية.
تفسير: المشربة: الغرفة. وارفأن: إذا سكن بعد الحركة. والترنام: مصدر ترنم يترنم ترنامًا. والسك: البئر الضبقة والعضوض كذلك.
رجع: سبحان خالق الزنبور، زمزم فخلته جاس طنبورٍ، يترك العنب حبةً، ووليد الجفنة سعقبة، والمشبهات بثدى الخرائد، خاليةً من الفوائد، كأنها قيض ترائك الحفان يظهر في أمجٍ من العصور، ويشبه بخصره حسان الخصور، وله بذكر الله نغمات. غاية.
تفسير: الحبة: عجم العنب. والسعقبة: العنقود إذا أكل عنبه، وقيل إنه هو عنقود صغير يخرج في أصل العنقود الكبير. والحفان: أولاد النعام. والأمج: شدة الحر.
رجع: أسامة بن زيد، وأسامة مهتصر الصيد، لحقا بالسير الرويد، معشرى قدارٍ ومريد. وكذلك سامة بن لؤي، لقي سامةً دون الحي، وسميته في صوغٍ وليٍ؛ شهد كل ظل وفيٍ، أن الدنيا ليست بشيٍ، والله قاسم الأرزاق ونافض الوسامة على القسمات. غاية.
تفسير: أسامة: من أسماء الأسد. قدار: ابن سالف عاقر الناقة. ومريد: أحد وفد عادٍ. والسامة: الحية، وكان أسامة بن لؤى مات لسيعًا. وسميته: يريد بها السامة وهي عروق الذهب؛ ومنه قول قيس بن الخطيم:
لو أنك تلقى حنظلًا فوق بيضنا ... تدحرج عن ذي سامه المتقاربٍ
والوسامة: الحسن.
رجع: أينما تسيروا يصحبكم الله كما صحب من كان قبلكم، وله من العلم عين عليكم، وإن تصبحوا وراء شق الثعلب فالقدر معكم، لا فرار من قضاء الله؛ فاصبروا على ما حكم إنه واعي الكلمات. غاية.
تفسير: شق الثعلب: موضع بنوا حى عمان يضرب به المثل في البعد.
رجع: عجبت لهزجةٍ، كالمومسة المتأزجة، تسبح الله من عهد جديس تقدح ولا توري النار، ولا تعرف المرخ ولا العفار، ولها بذكر الله، رنين. تشرك بني آدم في عذب الثمار، وتقف على ما خبث وطاب، ترم إذا الليل غسق، وترن إذا النهار أشرق، ولها سيمان أحدهما يرهب ويتقى، والآخر يبصر به من يرى، ويعجبها الطرم إذا جمد أو جرى، وهي وصواحبها للروض متديرات. غاية.
تفسير: المومسة: البغي. والمتأزجة: المفرطة الأشر. ترم: تشكت. السميان: ذباب السيف وذباب العين. والطرم: العسل.
رجع: لذام بذكر الله لذام، وقذام بتسبيحك قذام وأعرضي عن سعدٍ وجذامٍ، فبئس القول تقوله حذام، أنت سمجة فما بال الذام، أنحيت على يدك بشفرةٍ هذام، وستخونك قوى الأوذام، فاعذمي بنانك مع العذام، هلت في ولائحك يا غدام، وهجمت مع اخوان الهجمات. غاية.
1 / 38