قال أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي: أجل! غاقٍ غاق، أصبح الغراب يرتاد، أين همت بواكر السحاب. غاية.
الطيور ناطقات بالسبح، ورجال ما تقر بالبعث، بلى! جل القادر عن ارتيابٍ. غاية.
إن جرى ظبى فسنح، وهفا طائر فبرح، كمد آلف لفراق الأحباب. غاية.
سبح الله ومجده، وعظم الخالق وحمده،، طائر لا يحفل بزينب والرباب. غاية.
هذه منازل القطين وتلك مساكن الأنس المقيم، اختلف عليهم الجديدان، فارواحهم عند الله، وجسومهم في التراب. غاية.
الله الكامل، والنقص لجميعنا شامل، فماذا يؤمل الآمل، أليس قصره الذهاب. غاية.
الله تعظم الأضداد، حتى الأذبة والقذان: طرف الصارم، وإنسان الأسود، ومغرد الرياض. وكذلك الأعيار: شاخص المنصل، وظاهر القدم، ووحشي الفلاة. والعيون: عين الذهب، وعين المطر، وعين الشراب. غاية.
تفسير: الأذبة: جمع ذبابٍ: ذباب السيف: طرفه. وذباب العين: إنسانها. ومغرد الرياض: الذباب المعروف. ولا يقال في ذلك ذبابة. والقذان البراغيث واحدها قذذ. وعير السيف: العمود الناتئ في وسطه. وعير القدم: ظاهرها. وعين المطر: مطر أيام لا يقلع. وعين الشراب: عين الماء، والشراب من المشاربة يقال قد تشارب القوم: إذا كانوا يردون عينًا واحدةً.
رجع: ودونه مواقع الفكر، لا ينصف المظلوم سواه، وإليه يرغب الراغب، وبه تمسك النفوس، فتعالى الله عدة الحندس إذا قسم نقطًا، والنقطة أقل ما يكون. وسبحان الله زهاء الأشياء، والشئ جزء لا يتجزأ، تقسم على ذلك مياه البحر، ورمال الأرض، وثقال الهضاب. غاية.
جل الخالق! عيون الربرب تحملها أعناق الظباء، ينسدل فوقها أساود كأساود رمان، ومن أمر الواحد ذلك الخضاب. غاية.
يابغاة الآثام، وولاة أمور الأنام، مرتع الجور وخيم، وغبه ليس بحميد، والتواضع أحسن رداء، والكبر ذريعة المقت، والمفاخرة شر كلام. كلنا عبيد الله، فما بال الرجل يقول: عبدي فلان، والعبودية في عنقه ألزم له من طوق الحمامة، ومؤتي الملك ملكه قاصر الصعلوك على عدمه؛ وكاسي الجميل حلة الجمال، هو سالبها القبيح؛ فاحمد أيها البهج خاصك ولا تغمط سواك، فبيد الله العطية والحرمان. يتيه الإنسي والسرفة أصنع من الآدمي، تتخذ لنفسها بيتًا من حطام الشجر ورفات النبات، يعجب له الراءون، ويعجز عنه العاملون، والجارسة تبنى من الشمع أحسن مسكنٍ وتودعه طيب الأرى، وزمازمها تسبيح لملهم من أراد، فما فضيلة الصنع، إذا اتخذ قميصًا للحرب كبارد الحبب، أو برد الحباب. غاية.
خافوا الله وتجنبوا المسكرات، حمراء مثل النار، وصفراء كالدينار، وبيضاء تشبه الآل، وكميتًا وصهباء، وكل ما أدرك من الألوان. لو كانت أقسام اللب كرهاق الحصى، والسكرة من الجرع بمثل ذاك، لقلت إن النغبة الواحدة حرام، ولو هجر أب لجناية ولدٍ لحرم العنب لجريرة المدام، وهل لها من ذنب، إنما الذنب لعاصر الجون، ومستخرجها وردية اللون، وحابسها في الدن، ومنتظرها برهة من الدهر، وشاربها ورد العطشان وتفوق الرضيع، فاجتنبوا ما يذهب العقول، فبها عرف الصواب. غاية.
تفسير: رهاق الحصى: مثل زهائه. يقال رهاق ورهاق، وهو مقدار الشئ.
رجع. عز القائل بغير لسان، المكون بدائع وما استعان. ليتني كنت حجرًا، لا أمسى حذرا، ولا أصبح وجرًا، كم في الأرض وكم في السماء من نجم لاح للركب، وآخر طلع غب الغمام، كلاهما شهيد القدرة ودليل الوحدانية. كم في الوادي من سمرةٍ وفي السمرة من موقع نظرةٍ، كأنها تحث على التقوى، أو تأمر وتنهى، وتقول في النجوى، مضى نسيبك فأسيت، وبعد الأيام نسيت، وأثوب الصحة كسيت، فلم نذكر أثواب السقام، أظننت الإقامة فكذب الظن، ألا تأهب للرحلة فالمكر على جناب. غاية.
قد ضل وخاب من يعاند الفرد المعبود، خالق ما جمد وماج، من ريحٍ وجبل وماء، عارف ما يهجس في قلب الفازر كما يعرف شعاع النهار، سيان عنده الخفي والظاهر، والبعيد والمكثب، أقر البسيطة ورفع الأنوار، لو شاء لرد اليفن الشباب. غاية.
أعوذ بك من ليت وعسى، ونفسٍ تنقسم أنفسًا، سأتجرع الموت حسى، إن حشرتنى مبلسًا، فإن عملى في تباب. غاية.
لا أكن رب كرجلٍ الحضار في ملكه مثل حضار، والنضار، من يده في أنياب ضار، وخضرة عيشه في المذيق والخضار لا ينتفع غدًا بالجباب. غاية.
1 / 13