وليس يصح أن يكون صوابا وتركه صوابا لان الحق لا يكون في جهتين مختلفتين ولا على وصفين متضادين،. ولان القوم المخالفين لنا في هذه المسالة مجمعون على أنه لم يكن إشكال في جواز الاختيار وصحة إمامة أبي بكر وإنما الناس بين قائلين قائل من الشيعة يقول: إن إمامة أبي بكر كانت فاسدة فلا يصح القول بها أبدا. وقائل من الناصبة يقول: إنها كانت صحيحة ولم يكن على أحد ريب في صوابها إذ جهة استحقاق الامامة هو ظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة على القيام بالامور ولم تكن هذه الامور تلتبس على أحد في أبي بكر عندهم. وعلى ما يذهبون إليه فلا يصح مع ذلك أن يكون المتأخر عن بيعته مصيبا أبدا لانه لا يكون متاخرا لفقد الدليل بل لا يكون متاخرا لشبهة وإنما يتاخر إذا ثبت أنه تأخر للعناد. فثبت بما بيناه أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يبايع أبا بكر على شئ من الوجوه كما ذكرناه وقدمناه وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج في موافقتها على أن أمير المؤمنين - عليه السلام - تأخر عن البيعة وقتا ما، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فيه عن الاجماع وما أبعد أنهم سيرتكبون ذلك إذا وقفوا على هذا الكلام غير أن الاجماع السابق لمرتكب ذلك يحجه ويسقط قوله فيهون قصته ولا يحتاج معه إلى الاكثار
--- [58]
Página 57