Capítulos de filosofía china
فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس
Géneros
لا يوجد في مقولة لاو تسو هذه، ولا في أشباهها، ما يدعو إلى رفض المعرفة على إطلاقها، بل إلى رفض ذلك النوع من المعرفة القائم على اتباع سنن السابقين ودراسة ما كتبوه؛ أي رفض السبيل الكونفوشي إلى المعرفة الذي يبتدى في أقوال كونفوشيوس نفسه. ومنها على سبيل المثال: «أنا ناقل علم أكثر مني منشئا. أثق بالتعاليم القديمة وأنعم بها» (الحوار 17: 1). «الرجل النبيل الذي هذب نفسه بقواعد الأدب والمعاملات (التي نص عليها كتاب الطقوس)، لا يمكن أن يخرج عن جادة الصواب» (الحوار 6: 27). «إن من لم يدرس الفصل الأول والثاني من كتاب القصائد القديم، هو في طريق العلم أمام جدار» (الحوار 17: 10). «قضيت نهارا بطوله دون طعام وليلة بطولها دون نوم وأنا أفكر، ولكنني لم أخرج من ذلك بشيء. الأفضل من ذلك هو الدراسة والتعلم» (الحوار 15: 31).
فالكونفوشيون يشغلون أنفسهم بالمعرفة التقليدية التي يفرض الإنسان من خلالها أفكاره على الطبيعة، وهم في ذلك مثل اللاهوتيين المسيحيين الذين لم يجادلوا غاليلو فيما توصل إليه من حقائق بخصوص النظام الشمسي استنادا إلى المنطق العلمي، وما توصلوا إليه أنفسهم من حقائق مغايرة، وإنما جادلوه استنادا إلى ما قاله أرسطو قبل أكثر من 1500 سنة. أما التاويون فينكبون على دراسة الطبيعة لتبوح بأسرارها. وفي هذا يقول العلامة جوزيف نيدهام، الذي عاش ردحا من حياته في الصين خلال القرن العشرين، وعكف على دراسة ثقافتها في كتابه الموسوعي «العلم والحضارة في الصين»، ما يلي: «إن التاويين من خلال خبرتهم المباشرة بالطبيعة، قد قدموا للعلم الصيني أكثر بكثير مما قدمته الكونفوشية؛ فقد حفلت الأدبيات التاوية بمعلومات وافرة عن النباتات والمياه والرياح وسلوك الحيوانات والحشرات، اعتمد مدونوها على الاستقصاء والملاحظة المباشرة المتحررة من النظريات المسبقة، وكان شعارهم في ذلك: «ابحث عن الأسباب»؛ فلكل ظاهرة من ظواهر الطبيعة سبب، وإن لم نكن الآن قادرين على معرفته. والبحث عن الأسباب كان دوما وراء الاكتشافات العلمية الكبرى في تاريخ الإنسانية. وقد قادتهم هذه المعرفة القائمة على الملاحظة إلى إجراء التجارب، وصارت المعرفة التجريبية سمة الفكر الصيني قبل أوروبا بزمن طويل، وتجلت هذه المعرفة التجريبية بشكل خاص في الكيمياء والتعدين. كما كان التاويون على دراية بعلم الحركة، أو الميكانيك، حتى إن أحدهم صنع إنسانا آليا يتحرك (وكان بمثابة النموذج الأبكر للروبوط)، وصنع آخر طائرا خشبيا قادرا على الطيران لمسافة قصيرة.»
ويورد نيدهام شاهدا من التراث الصيني يعبر عن المعرفة التجريبية والتعلم من الطبيعة؛ فقد رفض الفنان هان الذي صار فيما بعد أعظم رسامي الخيول في عصره، عرض أحد أباطرة أسرة تانغ (618-900م) بالتتلمذ على أيدي أشهر الرسامين في الصين، وفضل بدلا من ذلك قضاء وقته في حظائر الخيول الملكية، يراقب عاداتها وطباعها وأدق تفاصيل حياتها.
وقد عبر الأدب التاوي عن حكمة الطبيعة هذه على طريقته. يقول شاعر تاوي:
عندما تصدح الطيور في ذرا الأشجار
تحمل معها أفكار الحكماء القدماء.
عندما تتفتح الأزهار في أعالي الجبال
يحمل شذاها أعمق المعاني.
وتقول أبيات من شعر الزن:
الصنوبرة العتيقة تنطق بالحكمة المقدسة،
Página desconocida