Capítulos de filosofía china
فصول من الفلسفة الصينية: مع النص الكامل لكتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس
Géneros
أجابه منشيوس: عندما كلفه بإدارة شئون الدولة قام بذلك على أفضل وجه، وكان الشعب مطمئنا وراضيا؛ وهذا يعني أن السماء قد قبلت به (منشيوس 9: 5).
وقبل ذلك ورد في كتاب الحوار لكونفوشيوس المقطع التالي الذي يعبر عن الفكرة نفسها: «قال كونفوشيوس: أتمنى لو استغنيت عن الكلام. فقال له التلميذ تسي جونغ: يا معلم، إذ لم تتكلم فما الذي ننقله عنك؟ أجابه كونفوشيوس: وهل تتكلم السماء؟ ومع ذلك فإن الفصول تترى وكل الكائنات تتوالد. هل تتكلم السماء؟»
على أن المفهوم المركزي الذي تقوم عليه فلسفة مو تزو يتمثل فيما يدعوه بالحب الشمولي، وهو الحب الذي لا تمييز فيه بين القريب والبعيد وبين من نعرف ومن لا نعرف؛ فهو يرى أن شقاء العالم يتجلى في عدد من الممارسات أهمها: (1) مهاجمة الدول الكبيرة للدول الصغيرة. (2) ظلم القوي للضعيف. (3) اضطهاد العائلات الكبيرة للعائلات الصغيرة. (4) إساءة الكثرة للقلة. (5) خداع الإنسان الماكر للإنسان الساذج. (6) ازدراء نبيل الأصل لمتواضع الأصل. وكل هذا ينجم في رأيه عن الأنانية وحب الذات، وهذه الأنانية لا علاج لها إلا بنشر مبدأ الحب الشمولي القادر وحده على علاج بؤس العالم.
فلو نظر المرء إلى الدولة الأخرى نظرته إلى دولته؛ لما حدثته نفسه بالتعدي على الدولة الأخرى. ولو نظر إلى البيوت الأخرى نظرته إلى بيته؛ لما حدثته نفسه بسرقة بيوت الآخرين، ولو نظر المرء إلى الآخرين نظرته إلى نفسه؛ لعزف القوي عن مهاجمة الضعيف، والذكي عن خداع الساذج، والغني عن ازدراء الفقير؛ فالأنانية هي مصدر كل الشرور، ولا يمكن القضاء عليها إلا بتوسيع المحبة الشخصية لتغدو محبة لا شخصية تشمل الجميع دون تمييز؛ لأنه من خلال الحب الشمولي يتحقق النفع للفرد وللمجتمع؛ فالحب الشمولي يحقق خمس منافع مرغوب بها، وهي: (1) إثراء البلاد. (2) منع الحروب العدوانية. (3) تلقي بركات الأسلاف. (4) زيادة عدد السكان. (5) استتباب الأمن.
ومن أجل الحفاظ على هذا المجتمع المثالي دعا مو تزو إلى الاعتدال الذي قال به كونفوشيوس، ولكن مع كثير من المبالغة تجعله أقرب إلى التقشف منه إلى الاعتدال؛ فالكساء ينبغي أن يقي من الحر والقر، ولكن لا ينبغي أن يكون أنيقا، والطعام ينبغي أن يكون مغذيا وإن لم يكن طيبا، والبيت ينبغي أن يقي من عوامل الطبيعة ومن اللصوص، ولكن لا ينبغي أن يكون واسعا أو فاخر الأثاث، والجميع ينبغي أن يتزوجوا لزيادة النسل وإن لم يرغبوا في ذلك. في مثل هذا المجتمع القائم على الحب الشمولي، سوف تجد الأرملة ما يلزمها من طعام وكساء، ويجد كبار السن العزاء في شيخوختهم، والأيتام الرعاية والعناية.
على أننا إذا دققنا في مفهوم الحب الشمولي الذي يدعو إليه مو تزو؛ لاكتشفنا أنه ليس الحب العاطفي الذي تسوغه الكونفوشية، بل هو حب صادر عن العقل لا عن القلب؛ لأن مو تزو كان لا يثق بالعواطف ويدعو إلى التخلص منها. وقال في إحدى المناسبات إنه يجب نبذ الفرح والغضب والمرح والحزن والحب. وبما أن هذا النوع من الحب العقلي ليس شأنا غريزيا مثلما هو الحب العاطفي، فقد لجأ مو تزو إلى الترغيب به بوسائل متعددة؛ فمن أحب الآخرين تلقى منهم حبا، ومن ساعد الآخرين حصل على مساعدتهم، ومن كرههم كرهوه بالمقابل، ومن آذاهم تلقى أذاهم؛ أي إن الحب الشمولي هو نوع من الاستثمار المربح الذي يعود على صاحبه بالخير العميم.
إضافة إلى هذا الترغيب فقد عمد مو تزو إلى نوعين من الترهيب؛ ترهيب ديني وآخر سماوي؛ فقد ركز في ترهيبه الديني على فكرة وجود الإله السماوي الأعلى، وقال إنه يحب البشرية ويراقب أعمال الناس ويأمرهم بمحبة بعضهم بعضا دون تمييز، فيثيب الذين يطيعونه بالسعد والحظ الحسن، ويعاقب الذين يعصونه بشتى المصائب والشدائد. كما أكد على وجود الأرواح ونسب إليها مؤازرة الصالحين الذين يمارسون الحب الشمولي وعداوة الصالحين. أما في ترهيبه السياسي فقد ركز على سلطة الحاكم التي ينبغي أن تكون مطلقة. ويأتي قول مو تزو بهذه السلطة المطلقة من نظريته في أصل الدولة الذي يشرحه على الوجه التالي: في مطلع التاريخ الإنساني لم يكن هنالك دولة ، وكان لكل فرد معياره الخاص في الصح والخطأ؛ فإذا كان لدينا شخص واحد فقط كان هنالك معيار واحد، وإذا كان لدينا اثنان كان هنالك معياران، وإذا كان لدينا عشرة كان هنالك عشرة، وكلما زاد الناس كثرت معايير الصح والخطأ، وراح كل واحد يسلك على هواه ويعتبر نفسه على حق والبقية على خطأ؛ وهكذا سادت الفوضى في العالم، ولم يكن هنالك فرق بين البشر والبهائم، ثم تبين للناس أن سبب هذه الفوضى هو عدم وجود حاكم، فقاموا باختيار الرجل الأكثر فضيلة والأكثر قدرة وجعلوه ابنا للسماء؛ وبذلك ولدت الدولة التي يملك ملكها وحده معيار التفريق بين الصح والخطأ، ووجب على الجميع الخضوع له (مو تزو: 2).
في مقابل هذا التفويض الذي حصل عليه الحاكم عليه أن يستغل سلطته في نشر المحبة بين الناس عن طريق تعليمهم وإفهامهم أن الحب الشمولي نافع، وأن من مصلحتهم الشخصية ممارسته؛ فالمحبة عند مو تزو لا تأتي إلا بالتعليم؛ لأن فطرة الإنسان محايدة وتتحدد توجهاتها نحو الأنانية أو المحبة وفقا للمؤثرات الخارجية؛ فهي مثل الثوب الأبيض إذا غمسته بصباغ أحمر صار أحمر، وإذا غمسته بصباغ أصفر صار أصفر. ويجب دعم التعليم بالثواب والعقاب من قبل الحاكم الذي فوضته به السماء مثلما فوضته بحكم الناس، من أجل نشر الحب الشمولي.
هذا وقد اهتم مو تزو بالجدل وخصص في كتابه ستة فصول للمسائل الجدلية والمنطقية، ولكن أسلوبه في الجدل لم يكن يعتمد على إقناع الخصم بقدر ما يعتمد على إحراجه، فلا يملك في النهاية إلا أن يوافقه على رأيه. وهو يعرف الجدل بأنه: الكلام الذي يميز بين الصح والخطأ، ويفرق بين النظام والفوضى، ويوضح مسائل التشابه والتباين، ويدقق في علاقة الأسماء بمسمياتها، ويستقصي العلائق بين الأحكام المتعددة، ويبدد الشكوك، ويفاضل بين النافع والضار. وقد طور تلاميذه من بعده فنون الجدل ووصلوا به إلى ذروة تعادل الذروة التي حققها الجدليون اليونانيون في الحقبة نفسها تقريبا.
عرفت مدرسة مو تزو باسم المدرسة الموهية نسبة إلى اسمه مو، وعرف أتباعه باسم الموهيين . وقد ازدهرت الموهية خلال القرون الثلاثة التي تلت وفاة مؤسسها، وكانت المنافس الرئيسي للكونفوشية، ولكنها أخذت بالانحدار في سياق القرن الأول الميلادي ثم اختفت بسرعة؛ فلقد كان تطرف مو تزو يناقض الاعتدال الذي كان فضيلة أساسية لدى الإنسان الصيني الميال بطبيعته إلى المحافظة على التوازن في كل شئونه.
Página desconocida