أوربا لا تعرف من الطب إلا ما تعرفه أشد القبائل الاستوائية في إفريقيا بعدًا عن الحضارة وعن العلم؛ كانوا يداوون بالسحر والشعوذة وبتر الأعضاء بلا داع، وخنق المريض بأنواع من الأعشاب المؤدّية لطرد الشياطين!
واقرؤوا ما كتبه أسامة بن منقذ. هل تعرفون أسامة بن منقذ؟ إنه البطل الأديب، أحد فرسان الحروب الصليبية وأحد المؤلفين البارعين، وكتابه «الاعتبار» الذي دَوّنَ فيه مشاهداته من الكتب العالمية، وقد تُرجم إلى أكثر اللغات الحية.
في هذا الكتاب قصة طبيب مسلم أرسله ليداوي أحد ملوك الإفرنج في أيام هدنة كانت بين المسلمين والصليبيين، فاقرؤوها تروا كيف تركوا أدوية الطبيب وعمدوا إلى مداواة المريض بالنار والدخان والسحر لطرد الشياطين، ثم ضربوا رجله بالفأس فقطعوها، ومات المريض!
في تلك الأيام تُنشَر هذه التعليمات التي أتلوها عليكم. قال صاحب كتاب «الحسبة»:
"وينبغي إذا أُدخِل الطبيب على المريض أن يسأله عن سبب مرضه وعمّا يجده من الألم، ثم يرتب له قانونًا من الأشربة وغيرها من العقاقير، ويكتب نسخة منه لأولياء المريض ويُشهد عليها مَن حضر معه عند المريض، فإذا كان من الغد حضر ونظر إلى دائه ونظر إلى قارورته (أي فحص بوله) وسأل المريض: هل تناقص به المرض أم لا؟ ثم يرتب له ما ينبغي حسب مقتضى الحال. وهكذا إلى أن يبرأ أو يموت. فإن برئ من مرضه أخذ
1 / 69