يكون في بلاد المسلمين. فأمر بهدمه وإزالته، وأنشأ في موضعه مسجدًا جامعًا أنفق عليه جملة من الأموال، فدعاه الناس «جامع التوبة».
ومن المصادفات أن أول خطيب عُيِّن له هو جمال الدين البستي، وكان في صباه يتبع الملاهي ثم صلح وصار من الأخيار. فلما مات تولى مكانه العماد الواسطي، وكان كذلك متَّهمًا بالشراب، ثم تاب.
* * *
ومن طرائف الحوادث ما رواه ابن الأثير في «الكامل» في حوادث سنة ٤٥٦هـ؛ أن جماعة من الأكراد خرجوا يتصيّدون، فزعموا أنهم رأوا في برّية العراق خِيَمًا سودًا، وسمعوا منها لطمًا شديدًا وعويلًا كثيرًا وقائلًا يقول: قد مات سيدوك ملك الجن، وأي بلد لم يلطم أهله عليه ويعملوا له العزاء قلع أصله وهلك أهله.
وشاع الخبر، فخرج كثير من النساء الجاهلات إلى المقابر يلطمن وينحن، وخرج كثير من سَفَلة الرجال يفعلون مثل ذلك. قال: وكان ذلك ضحكة عظيمة!
ثم قال: ولقد جرى في أيامنا نحن (أي أيام ابن الأثير) في الموصل وما والاها من البلاد مثل ذلك، ذلك أن الناس سنة ٦٠٠هـ أصابهم وجع كثير في حلوقهم مات فيه كثير من الناس، فشاع أن امرأة من الجن يقال لها «أم عنقود» مات ابنها عنقود، وكل من لا يعمل له مأتمًا أصابه هذا المرض! فأقيمت المآتم،
1 / 49