106

Capítulos sobre cultura y literatura

فصول في الثقافة والأدب

Editorial

دار المنارة للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Ubicación del editor

جدة - المملكة العربية السعودية

Géneros

البرية» لعثمان بن علي في تسعة عشر ألف بيت!
وإذا كانت الإلياذة تشتمل على خرافات وعلى تخيّلات، ما يَسندها واقع ولا تعتمد على حقيقة، فإن هذه الأراجيز ما فيها إلا حقائق ثابتة وتواريخ محقَّقة. هذا وأنتم تعرفون الأراجيز العلمية، كألفية ابن مالك وألفية العراقي والكثير من أمثالهما.
ولما ظنوا أنهم شبعوا من الجِدّ واكتفوا استراحوا إلى لون جديد، كما استراح أهل الفن من المصوِّرين والرسامين إلى هذه المذاهب الجديدة في الرسم، التي لا تبلغ معرفتي بها مبلغ القدرة على وصفها والكلام فيها، ولكن لا يصل عجبي منها إلى حد الإعجاب بها أو تذوقها وفهمها.
وكيف أعجب بلوحة ما أرى فيها إلا علب كبريت مكوَّمة أكوامًا، أو حجارة مركومة رَكمًا، أو سلّمًا مقلوبًا قد تعلق بخطوط متعرجة متداخلة بلا ترتيب ولا نظام ولا دقة ولا إحكام، كأنها خرابيش الدجاج على بقعة من الرمل، ثم أرى تحتها كتابة موضِّحة لها تقول إنها صورة امرأة جميلة أو مشهد غروب الشمس في البحر ... وما ثَمّ شمس ولا بحر، ما هناك إلا الفوضى والعبث! كهذا المذهب الحديث في الشعر، حيث تُرصَف كلمات جميلة لا يربط بينها رباط يتبيّنه الفكر، ولا صورة يلذّها الذوق، ولا موسيقى تطرب لها الآذان، ما هي إلا مُعجَم، ولكنه معجم قد اختلّ ترتيبه! قالوا: إن هذا هو الشعر الحديث!
والذي نعرفه أن الألفاظ أوعية للمعاني، فإذا خَلَت من المعنى المبتكَر والصورة الحلوة عادت ألفاظًا فارغة، لها إن

1 / 110