اندفع دارتانيان في حالة هياج شديدة نحو السلم، محاولا أن يهبط أربع درجات في كل مرة. ولسوء حظه اصطدم - في عجلته - بأحد الفرسان وهو يغادر إحدى حجرات السيد دي تريفي الخاصة، وصدمه صدمة عنيفة في كتفه، جعلته يطلق صرخة عالية.
قال دارتانيان معتذرا، وهو يحاول الاستمرار في طريقه: «عفوا! عفوا! ولكني متعجل.»
وما كاد يهبط أولى درجات السلم، حتى أمسكت بحزامه يد حديدية وأوقفته.
قال الفارس وهو يكاد يتميز غيظا: «إذن، فأنت في عجلة من أمرك! أتقول عفوا، وتعتقد أن هذا يكفي؟ لا، أيها الشاب! أتتصور، لأنك سمعت اليوم السيد دي تريفي يكلمنا بخشونة، أن يعاملنا الآخرون مثلما يعاملنا هو؟ لا تجر نفسك إلى الغلط فلست أنت السيد دي تريفي!»
أجاب دارتانيان، وقد عرف أنه آثوس، الذي ضمد الطبيب جراحه منذ لحظة: «بشرفي ... بشرفي ... لم أفعل هذا عمدا. ولكوني لم أفعله عمدا، قلت عفوا. ويبدو لي أن هذا كاف جدا. ارفع يدك عن حزامي، ودعني أذهب إلى حيث يناديني عملي.»
قال آثوس وقد ترك الحزام: «أنت لست مؤدبا، يا سيدي! ومن السهل أن ندرك أنك قادم من الريف، وتفتقر إلى أخلاق المدينة الحميدة.»
كان دارتانيان قد هبط ثلاث درجات أو أربعة، غير أنه توقف حين سمع ملاحظة آثوس، وقال: «يا لرحمة السماء! مهما أكن قد أتيت من بعيد، فلست أنت بالذي يلقنني درسا في الأخلاق الحميدة! ولذا فإني أحذرك!»
قال آثوس: «ربما!»
قال دارتانيان: «آه لو لم أكن متعجلا، ولو لم أكن أتعقب شخصا.» «أيها المتعجل، يمكنك أن تجدني دون أن تجري ورائي! أفهمت؟» «وأين؟» «خلف قصر لوكسمبورغ.» «في أي وقت؟» «ظهرا.» «هذا يكفي، سأكون هناك.» «حاول ألا تجعلني أنتظر؛ لأنه في الساعة الثانية عشرة والربع، سأقطع أذنيك وأنت تجري!»
صاح دارتانيان بقوله: «سأكون هناك.» واندفع إلى أسفل السلم، آملا في أن يجد الرجل المجهول، الذي لا تستطيع خطواته البطيئة أن تبتعد به.
Página desconocida