على المجالس إن كيسا وإن حمقا
فإن أشعر بيت أنت قائله
بيت يقال إذا أنشدته: صدقا
انظر مثلا إلى هذا الذي يصف السحاب بقوله:
تسربل وشيا من حرير تطرزت
مطارفها لمعا من البرق كالتبر
فوشي بلا رقم ونقش بلا يد
ودمع بلا عين وضحك بلا ثغر
تدرك من فورك أن هذا الشاعر كاذب في شعوره، يبحث عن اللفظ أولا ثم يترك المعنى تابعا. والأصل أن يضطرب المعنى في ذهنه فيخرجه في ألفاظ، فلم يتسربل السحاب وشيا من حرير مطرز، وليس البرق تطريزا، ولا الرعد ضحكا. وكيف يكون وهو الذي ما سمعته يدوي مرة إلا ورأيت قلوب الناس تنخلع لدويه المخيف؟ لو كان الشاعر يصف أصيلا جميلا هادئا، لجاز له أن يرى السحاب الخفيف المنتثر على صفحة السماء وشيا من الحرير المطرز، ولكنه يصف السماء وقد زعزعتها العاصفة القاصفة برعدها وبرقها؛ فمن كذب الشعور أن توحي إليه تلك الطبيعة الخشنة الغليظة بنعومة الحرير وزركشة التطريز، أو أن يوحي له الرعد بالضحك مع أنه أدنى إلى الزمجرة الغاضبة.
وسنسوق لك من الشعر الإنجليزي أمثلة لثلاثة من الشعراء، وصفوا الكارثة التي تحل بالأسرة حين تعاجل المنية عائلها في شرخ شبابه، لترى كيف يضعف الشعر إن كذب الشعور وكيف يقوى إن صدق. يقول «تومسن» في قصيدته «الشتاء» في وصف راع أتت عليه العاصفة، وهو يرعى ماشيته على سفوح التلال:
Página desconocida