وضعت يدي فوق أذني وهززت رأسي وصحت: «كلا، كلا! لا أريد الاستماع إليك. أنت أحلت حياتي إلى جحيم. ارحل فحسب، ولا تتحدث إلي ثانية.»
قال بإصرار: «ليس قبل أن تنصت إلى قصتي. ليس قبل أن تعرف ماذا أريد أن أطلب منك وماذا أريدك أن تفعل. أرجوك يا فرانكنشتاين، الجو قارس البرودة هنا، وهذا الجو ليس جيدا من أجلك؛ فقد تمرض. تعال معي إلى كوخي.»
وبينما كنت أفكر لحظة في هذا الاقتراح أضاف: «لا تزال حياتي في يدك. وأنت وحدك الذي يمكنك أن تقرر هل أرحل إلى الأبد ولا أؤذي أبدا أولئك الذين تحبهم مرة أخرى أم لا.»
واستدار المسخ ثم سار عائدا عبر النهر الجليدي. وتبعته عبر الجليد في بطء. لقد كرهته، لكنني أدين له بهذا؛ سأنصت إلى قصته.
الفصل الحادي عشر
قصة المسخ
سرنا أنا والمسخ في هدوء نحو كوخه، الذي بدا مبنى بدائيا. دخلنا وجلسنا إلى جوار نار مشتعلة، فجعلت ألسنة اللهب وجه المسخ الشاحب يتوهج بضوء غريب. وبدأ المسخ قصته من بداية حياته؛ من تلك اللحظة المصيرية المشئومة التي تركته فيها.
قال: «من الصعب علي أن أتذكر الأيام الأولى من حياتي؛ فجميعها تبدو كتلة ضبابية واحدة هائلة. كنت أرى وأشعر وأسمع وأشم في وقت واحد، وكانت كل حواسي مشوشة تماما.»
قاطعته لأسأله: «هل كانت كل حواسك تعمل في نفس الوقت؟ قطعا كان هذا مشوشا.» - «كان هذا في البداية، لكنني تعلمت بعدئذ أن أميز بينها. وكان الضوء يتعب عيني، فكنت أضطر أن أغمضهما وقتا طويلا. وبعد أن غادرت شقتك شققت طريقي نحو الغابة بالقرب من إنجولشتات. استلقيت بجانب نبع مياه ورحت في النوم. وبعد ساعات استيقظت على ألم في معدتي واحتقان في زوري. واكتشفت أنني أستطيع أن أشرب مياه النبع وكانت رائعة. وعندئذ أكلت بعضا من ثمر التوت والجذور التي وجدتها في الغابة. معدتي ليست كمعدتك يا فرانكنشتاين، فمعدتي تستطيع أن تهضم الأطعمة الخشنة.»
قام المسخ بعيدا عن النيران لما ارتفعت درجة حرارة الغرفة. ولم أكن أعرف فيما أفكر أو حتى ماذا أقول؛ لذا أنصت إليه فحسب. - «عندما استيقظت كان الظلام يغشى الأرض وكان الجو باردا. لم تكن الملابس التي ارتديتها دافئة بما يتناسب مع حالة الجو. كنت تعيسا للغاية، وكانت ذراعاي وساقاي تؤلمني، وكثير من الأفكار تدور في رأسي - ولم أفهم أي فكرة منها - لذا جلست وبكيت إذ لم أكن أعرف ماذا أفعل غير ذلك.
Página desconocida