فن السيرة
فن السيرة
Editorial
دار الثقافة
Número de edición
٢
Géneros
من يكتب سيرة غيره موضوعيًا في النظرة إلى صاحبه، وإلى الأشياء والحقائق المتعلقة به، كما لا يمكن أن يكتب سيرة نفسه إلا إن كان يبصر الحقائق المتعلقة بذاته على نحو ذاتي. وهنا موطن دقيق يحسن التنبه له، وهو أن يكون الكاتب لسيرته الذاتية موضوعيًا أيضًا في نظرته لنفسه، بمعنى أن يتجرد من التحيز لنفسه، وهو يذكر موقفه من الناس والحوادث، ولا ينساق مع غرور النفس وتعلقها بذاتها، وحبها لإعلاء شأنها وتنقصها من أقدار الآخرين. وقل من يحسن هذا النوع من التجرد، وكثير من الناس يحتالون عليه، ليمنحوا ما يكتبونه أصالة وصدقًا، ويقع في أنفس القراء موقعًا حسنًا، وأعيد القول هنا بأن هذا التجرد كان من نصيب بعض الكتاب المفكرين من مثل جون ستيوارت وإدموند غوس، وهو إلى حد كبير ميزة السيرة التي كتبها أحمد أمين.
ولكن: هل هذا هو كل الفرق بين الترجمة الذاتية والسيرة العامة: أن الأولى ذاتية مع شيء من الموضوعية وأن الثانية موضوعة مع ذرات صغيرة من الذاتية؟
نحن هنا إزاء فريقين يختلفان اختلافًا بينًا: أما الفريق الأول فيرى أن لا فرق بين السيرة الذاتية والسيرة عامة، في الغاية والشكل والمضمون، إلا أن إحداهما تكتب بصيغة المتكلة والأخرى بصيغة الغائب؛ كلاهما فن لا علم والدليل على ذلك أنه لو اجتمع عشرون كاتبًا على كتابة سيرة لأحد الناس
1 / 110