Fiqh Principles: Authenticity and Guidance
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه
Géneros
الأدلة على القاعدة من الكتاب والسنة
إن الفقهاء لا يقعدون إلا وهم يستندون إلى الكتاب أو السنة.
فأما من الكتاب: فقال الله تعالى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس:٣٦]، والظن في هذه الآية معناه: الشك، فإذا قال الله: الظن لا يغني من الحق شيئًا، يعني: الشك لا يزيل اليقين أبدًا، ووجه الشاهد: إن الظن لا يغني من الحق شيئًا، ووجه الدلالة الحق لا يزول بالشك، أي: اليقين لا يزول بالشك الطارئ.
وأما من السنة: فحديث مسلم عن النبي ﷺ أنه قال: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج ريح أم لا؟ فلا يخرجن من الصلاة حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا).
وأيضًا: حديث عبد الله بن زيد المتفق عليه من البخاري ومسلم، أن النبي ﷺ سأل عن الرجل يجد في بطنه أيخرج من الصلاة فقال النبي ﷺ: (لا ينفتل -أي: لا ينصرف- حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا).
وثبت أيضًا في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (إذا صلى أحدكم فلم يدرِ ثلاثًا صلى أم أربعًا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن)، في رواية قال: (فليبن على الأقل)، يعني: لو صلى ثلاثًا ولا يدري أثلاثًا أم أربعًا فليقل: ثلاثًا ويأتي بالرابعة، فهذه ثلاثة أحاديث تثبت لنا هذه القاعدة أو هي مستند الفقهاء لهذه القاعدة.
ووجه الشاهد قوله: (فأشكل عيه أخرج ريح أم لا، فلا يخرجن من الصلاة حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) ووجه الدلالة من هذا الحديث على التقعيد الفقهي الأصولي: أن اليقين: هو أنه على طهارة، فوجد الشيء في بطنه فأشكل، ومعنى أشكل: حدث الشك، فهذا الشك الطارئ هو الإشكال، وهو هل خرج ريح أم لا؟ فلا يزيل اليقين بالطهارة؛ ولذلك قال النبي ﷺ الله عليه وسلم: (فلا يخرجن) ثم بين متى يخرج؟ فقال: (حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) ومعنى ذلك: أن اليقين لا يزال إلا بيقين، ولا يزول بالشك.
ووجه الشاهد من الحديث الثالث: (فلا يدري ثلاثًا صلى أم أربعًا) فهنا حدث الشك الطارئ وعنده يقين، فلا بد أن يبني على اليقين واليقين: هو الأقل.
4 / 4