Fiqh of Worship by al-Uthaymeen
فقه العبادات للعثيمين
Géneros
السؤال: (٩٥): فضيلة الشيخ، ذكرتم- جزاكم الله خيرًا - بالتفصيل وضع الأيدي في القيام وفي الركوع، وكذلك في السجود، وكذلك في الجلسة بين السجدتين، لكننا لم نسمع شيئًا عن وضع الرجلين، ونحن نشاهد الآن كثيرًا من الناس يفرج ما بين رجليه، فيتسع ما بين مناكب المصلين. فما الصحيح في ذلك؟
الجواب: وضع الرجلين في حال القيام طبيعي، بمعنى أنه لا يدني بعضهما من بعض، ولا يباعد ما بينهما، كما روي ذلك عن ابن عمر ﵄، ذكره في شرح السنة أنه كان ﵄ لا يباعد بين رجليه ولا يقارب بينهما، هذا في حال القيام وفي حال الركوع.
أما في حال الجلوس فقد عرفناه فيما سبق، وأما في حال السجود فالأفضل أن يلصق إحدى القدمين بالأخرى، وألا يفرق بينهما، كما يدل على ذلك حديث عائشة ﵂، حين وقعت يدها على قدمي النبي ﷺ منصوبتين وهو ساجد (١)، ومعلوم أن اليد الواحدة لا تقع على قدمين منصوبتين إلا وبعضها قد ضم إلى بعض، وكذلك جاء صريحًا في صحيح ابن خزيمة ﵀ أنه يلصق إحدى القدمين بالأخرى في حال السجود (٢) .
وقبل أن ننتهي من صفة الصلاة نود أن نبين أنه ينبغي للإنسان إذا فرغ من صلاته أن يذكر الله ﷿ بما ورد عن النبي ﷺ، لأن الله تعالى أمر بذلك في قوله: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) (النساء: ١٠٣)، ومن ذلك: أن يستغفر الإنسان ثلاث مرات: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ويقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يذكر الله ﷿ بما ورد عن النبي ﷺ، ثم يسبح الله ثلاثًا وثلاثين، ويكبر ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، إن شاء قالها كل واحدة على حدة، وإن شاء قالها جميعًا، أي أنه إن شاء قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، وإن شاء قال: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، ثلاثًا وثلاثين، ثم: الحمد لله، ثلاثًا وثلاثين، ثم: الله أكبر ثلاثًا وثلاثًا، كل ذلك جائز، بل وتجوز أيضًا صفة أخرى: أن يسبح عشرًا، ويكبر عشرًا، ويحمد عشرًا، وتجوز صفة رابعة: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسًا وعشرين مرة، فتتم مائة.
والمهم أن كل ما ورد عن النبي ﷺ من الأذكار بعد الصلاة فليقله، إما على سبيل البدل، أو على سبيل الجمع، لأن بعض الأذكار يذكر بعضها بدلًا عن بعض، وبعض الأذكار يذكر بعضها مع بعض فتكون مجموعة، فليحرص الإنسان على ذلك امتثالًا لأمر الله تعالى في قوله: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ) (البقرة: ١٩٨)، وأتباعًا لسنة رسول الله ﷺ.
وإذا كان في المسجد فإن الأفضل أن يجهر بهذا الذكر، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري، من حديث ابن عباس ﵄ قال: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي ﷺ (٣) . فيسن للمصلين أن يرفعوا أصواتهم بهذا الذكر اقتداء بالصحابة في عهد رسول الله ﷺ، بل اقتداء بالرسول ﷺ، لأنه كان يرفع صوته بذلك، كما قال ابن عباس: ما كنا نعرف انقضاء صلاة النبي ﷺ إلا بالتكبير (٤)، وقول بعض أهل العلم: أنه يسن الإسرار بهذا الذكر، وأن جهر النبي ﷺ كان للتعليم، فيه نظر، فإن الأصل فيما فعله الرسول ﵊ أن يكون مشروعًا في أصله ووصفه، ومن المعلوم أنه لو لم يكن وصفه وهو رفع الصوت به مشروعًا، لكان يكفي ما علمه النبي ﷺ أمته فإنه قد علمهم هذا الذكر بقوله، فلا حاجة إلى أن يعلمهم برفع الصوت، ثم إنه لو كان المقصود التعليم لكان التعليم يحصل بمرة أو مرتين، ولا يحافظ عليه الرسول ﵊، كلما سلم رفع صوته بالذكر.
أركان الصلاة
(١) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٦) . (٢) صحيح ابن خزيمة ١/٣٢٨) رقم (٦٥٤) كتاب الصلاة، ولفظه: قالت عائشة ﵂: "فقدت رسول الله ﷺ، وكان معي على فراشي، فوجدته ساجدًا راصًا عقبيه، مستقبلًا بأطراف أصابعه القبلة.." الحديث (٣) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (٨٤١)، ومسلم كتاب المساجد، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (٥٨٣) (٤) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (٨٤٢)، ومسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (٥٨٣) .
1 / 161