Fiqh of Worship by al-Uthaymeen

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
63

Fiqh of Worship by al-Uthaymeen

فقه العبادات للعثيمين

Géneros

السؤال (٩٣): فضيلة الشيخ، نريد أن نستكمل معكم بقية شروط الصلاة، وقد ذكرتم منها: الوقت، وستر العورة، والطهارة، واستقبال القبلة؟ الجواب: سبق أن تكلمنا على شرط استقبال القبلة لصحة الصلاة، وذكرنا أنه يستثنى من ذلك أحوال أربع، وأن الحالة الرابعة وهي ما إذا اشتبهت القبلة على الإنسان قد يناقش فيها. وعلى كل حال فإننا نقول: سواء جعلناها مما يستثنى، أو مما لا يستثنى، فإن الإنسان فيها يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، وأن يتحرى الصواب فيعمل به ولكن هاهنا مسألة وهي أنه يجب أن نعرف، أن استقبال القبلة يكون إما إلى عين القبلة وهي الكعبة، وإما إلى جهتها، فإن كان الإنسان قريبًا من الكعبة يمكنه مشاهدتها، ففرض أن يستقبل عين الكعبة، لأنها هي الأصل، وأما إذا كان بعيدًا لا يمكنه مشاهدة الكعبة، فإن الواجب عليه أن يستقبل الجهة، وكلما بعد الإنسان عن مكة، كانت الجهة في حقه أوسع لأن الدائرة كلما تباعدت اتسعت، ولهذا قال النبي ﷺ: " ما بين المشرق والمغرب قبلة" (١)، هذا بالنسبة لأهل المدينة، وذكر أهل العلم ﵏ أن الانحراف اليسير في الجهة لا يضر، والجهات معروف أنها أربع: الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب، فإذا كان الإنسان عن الكعبة شرقًا أو غربًا، كانت القبلة في حقه ما بين الشمال والجنوب، وإذا كان عن الكعبة شمالًا أو جنوبًا، صارت القبلة في حقه ما بين الشرق والغرب، لأن الواجب استقبال الجهة. نعم لو فرض أن الإنسان كان شرقًا عن مكة واستقبل الشمال، فإن ذلك لا يصح، لأنه جعل الجهة على يساره، وكذلك لو استقبل الجنوب، فإن ذلك لا يصح لأنه جعل القبلة عن يمينه، وكذلك لو كان من أهل الشمال واستقبل الغرب، فإن صلاته لا تصح، لأنه جعل القبلة عن يساره، ولو استقبل الشرق، فإن ذلك لا يصح أيضًا، لأنه جعل القبلة عن يمينه. وقد يسر الله ﷾ لعباده في هذا الوقت وسائل تبين القبلة بدقة وهي مجربة، فينبغي للإنسان أن يصطحب هذه الوسائل معه في السفر، لأنها تدله على القبلة إذا كان في حال لا يتمكن معها من معرفة القبلة. وكذلك ينبغي لمن أراد إنشاء مسجد، أن يتبع ما تقتضيه هذه الوسائل المجربة والتي عرف صوابها. من شروط الصلاة أيضًا: " النية"، والنية محلها القلب، واشتراط النية إنما يذكر من أجل التعيين أو التخصيص، أما من حيث الإطلاق، فإنه لا يمكن لأحد عاقل مختار، أن يقوم فيتوضأ، ثم يذهب ويصلي، لا يمكن أن يفعل ذلك وقد نوى للصلاة، لكن الكلام على التعين فالتعيين لابد منه في النية، فينوي الظهر ظهرًا، والعصر عصرًا، والمغرب مغربًا، والعشاء عشاء، والفجر فجرًا، لابد من ذلك، ولا يكفي نية الصلاة المطلقة، لأن نية الصلاة المطلقة أعم من نية الصلاة المعينة، والأعم لا يقضي على الأخص، فمن نوى الأعم لم يكن ناويًا للأخص ومن نوى الأخص كان ناويًا للأعم لدخوله به. ولهذا نقول: إذا انتقل الإنسان من مطلق إلى معين، أو من معين إلى معين لم يصح ما انتقل إليه، وأما ما انتقل منه فإن كان من مطلق إلى معين تبطل نية الإطلاق، وإن كان من معين إلى معين بطل الأول والثاني، وهذا القول المجمل أبينه في الأمثلة: رجل أخذ يصلي ناويًا نفلًا مطلقًا، ثم أراد أن يقلب النية في أثناء الصلاة إلى نفل معين، أراد أن يجعل هذا النفل المطلق راتبة، فهنا نقول: لا ينفع ذلك، لأن الراتبة لابد أن تكون منوية من قبل تكبيرة الإحرام، وإلا لم تكن راتبة، لأن الجزء الأول الذي خلا من نية الراتبة، صار بغير نية الراتبة، لكن لو كان يصلي راتبة، ثم نواها نفلًا مطلقًا، وألغى نية التعيين صح ذلك، وذلك لأن الصلاة المعينة تضمين نية التعيين ونية الإطلاق، فإذا ألغى نية التعيين بقيت نية الإطلاق. مثال آخر: رجل دخل يصلي بنية العصر، ثم ذكر في أثناء الصلاة، أنه لم يصل الظهر، فحول نية العصر إلى الظهر، فهنا لا تصح، لا صلاة الظهر، ولا صلاة العصر، أما صلاة العصر فلا تصح، لأنه قطعها، وأما صلاة الظهر فلا تصح، لأنه لم ينوها من أولها، لكن إذا كان جاهلًا، صارت هذه الصلاة في حقه نفلًا، لأنه لما ألغى التعيين، بقي الإطلاق. والخلاصة: أني أقول: إن النية المطلقة في العبادات لا أظن أحدًا لا ينويها أبدًا، إذ ما من شخص يقول فيفعل إلا وقد نوى، لكن الذي لابد منه هو نية التعيين والتخصيص. كذلك أيضًا مما يدخل في النية: نية الإمامة بعد أن كان منفردًا، أو الائتمام بعد أن كان منفردًا، وهذا فيه خلاف بين العلماء، والصحيح أنه لا بأس به، فنية الإمامة بعد أن كان منفردًا، مثل أن يشرع الإنسان في الصلاة وهو منفرد، ثم يأتي رجل آخر يدخل معه، ليصيرا جماعة فلا بأس بذلك، لأن النبي ﷺ قام يصلي من الليل، وكان ابن عباس ﵄ نائمًا، ثم قام ابن عباس فتوضأ ودخل مع النبي ﷺ، وأقره النبي ﷺ (٢)، والأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل. فلو شرع الإنسان يصلي وحده، ثم جاء آخر فدخل معه فجعله إمامًا له فلا بأس، ويكون الأول إمامًا والثاني مأمومًا، وكذلك بالعكس، لو أن أحدًا شرع في الصلاة منفردًا، ثم جاء جماعة، فصلوا جماعة، فانضم إليهم، فقد انتقل من انفراد إلى ائتمام، وهذا أيضًا لا بأس به، لأن الانتقال هنا ليس إبطالًا للنية الأولى، ولكنه انتقال من وصف إلى وصف فلا حرج فيه. هذه من أهم الشروط التي ينبغي الكلام عليها، وهناك شروط أخر كالإسلام، والتمييز، والعقل، لكن هذه شروط في كل عبادة. صفة الصلاة

(١) أخرجه الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، رقم (٣٤٤)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب القبلة، رقم (١٠١١)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم في المستدرك (١/٢٠٥) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (٢) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، رقم (١٣٨) ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٦٣) .

1 / 152