Fiqh of Worship by al-Uthaymeen
فقه العبادات للعثيمين
Géneros
السؤال (٤٩): فضيلة الشيخ، إذن هل نفهم من ذلك أن لدينا تعريفًا للإسلام بالمعنى العام وتعريفًا له بالمعنى الخاص؟
الجواب: نعم لدينا تعريف للإسلام بالمعنى العام، وتعريف له بالمعنى الخاص إذا اقترن بالإيمان وهو ما جاء في حديث الرسول ﷺ وفي الآتين اللتين ذكرتا آنفًا.
الطاغوت وأنواعه
السؤال (٥٠): فضيلة الشيخ، ما هو الطاغوت، وما هي اشتقاقاته؟ الجواب: الطاغوت مشتق من الطغيان، والطغيان مجاوزة الحد، ومنه قوله تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) (الحاقة: ١١)، يعني لما زاد عن الحد المعتاد حملناكم في الجارية، يعني في السفينة، وأحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم ﵀ "أنه- أي الطاغوت- كل ما تجاوز به العبد حده، من معبود أو متبوع أو مطاع". فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت، والعلماء - علماء السوء- الذين يدعون إلى الضلال من الطواغيت أيضًا، الذي يدعون إلى البدع، وإلى تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، أو يزينون لولاة الأمور الخروج عن شريعة الإسلام بنظم يستوردونها مخالفة لنظام الدين الإسلامي لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم، فإن حد العالم أن يكون متبعًا لما جاء به النبي ﷺ، لأن العلماء حقيقة هم ورثة الأنبياء، يرثونهم في أمتهم علمًا وعملًا وأخلاقًا ودعوة وتعليمًا، فإذا تجاوزوا هذا الحد، وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت، لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة. وأما المطاع في قوله ﵀" أو مطاع"، فيريد بهم الأمراء الذين يطاعون شرعًا أو قدرًا، فالأمراء يطاعون شرعًا إذا أمروا بما لا يخالف أمر الله ورسوله، فهم يطاعون هنا شرعًا، كما يطاعون قدرًا، فإن الواجب على الرعية إذا أمر ولي الأمر بأمر لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمور في هذه الحال، وبهذا القيد طاعة لله ﷿، ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمرت به الدولة مما تجب طاعتها فيه، أن نلاحظ أننا بذلك نتعبد لله تعالى ونتقرب إليه حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلى الله ﷿، وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك، لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: ٥٩) . وأما طاعة الأمراء قدرًا فإن الأمراء إذا كانوا أقوياء في سلطتهم، إن الناس يطيعونهم بقوة السلطان، وإن لم يكن بوازع الإيمان لأن طاعة ولي الأمر قد تكون بوازع الإيمان، وهذه هي الطاعة النافعة لهم أي لولاة الأمور، والنافعة للناس أيضًا، وقد تكون طاعة ولاة الأمور برادع السلطان، بحيث يكون السلطان قويا يخشى الناس منه ويهابونه، لأنه ينكل بمن خالف أمره، ولهذا نقول: إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أقسام: فتارة: يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني، وهذه أكمل المراتب وأعلاها، وتارة يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني، وهذه أدنى المراتب وأخطرها على المجتمع، على حكامه وعلى محكوميه، لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني، صارت الفوضى الفكرية والخلقية والعملية. المرتبة الثالثة: أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني، وهذه مرتبة وسطى، ينظر فيها أيها أكمل مما إذا قوي الرادع السلطاني وضعف الوازع الإيماني، فإنه في المظهر إذا قوي الرادع السلطاني يكون أصلح للأمة، لكن الأمة إذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حالها، وسوء عملها، لأن الوازع الإيماني ضعيف، أما إذا قوي الوازع الإيماني وضعف السلطاني فقد يكون المظهر أدنى من المظهر في المرتبة الأخرى، لكنه فيما بين الإنسان وبين ربه إذا اختفى الرادع السلطاني يكون أصلح. على كل حال هذه مراتب أربع: قوة الإيمان والسلطان وضعف الإيمان والسلطان، وقوة الإيمان وضعف السلطان وضعف الإيمان وقوة السلطان. فالمهم أننا نقول: أنه ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا بذلك نقترب به إلى الله ﷿، وإنما قال ابن القيم: " إن الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، لأن الأمير أو ولي الأمر الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله، فإذا أمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه لا سمع له ولا طاعة، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله ﷾، لأن الله تعالى جعل طاعتهم تابعة أو جعل طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله كما يفهم من سياق الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: ٥٩)، ولم يقل: وأطيعوا أولى الأمر، فدل هذا على أن طاعتهم غير مستقلة، بل هي تابعة لطاعة الله ورسوله، وقد ثبت عن النبي ﷺ أن الطاعة بالمعروف أو في المعروف، أي فيما أقره الشرع، وأما ما أنكره فلا يجوز أن يطاع فيه أي مخلوق، حتى لو كان الوالد أو الوالدة يأمرانك بمعصية الله، فإنه لا يحل لك أن تطيعهما، لأن طاعة الله مقدمة على كل طاعة، فإذا أطاع الإنسان أميره أو ولي أمره في معصية الله فقد تجاوز به حده. عقيدة المسلمين في عيسى
السؤال (٥٠): فضيلة الشيخ، ما هو الطاغوت، وما هي اشتقاقاته؟ الجواب: الطاغوت مشتق من الطغيان، والطغيان مجاوزة الحد، ومنه قوله تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) (الحاقة: ١١)، يعني لما زاد عن الحد المعتاد حملناكم في الجارية، يعني في السفينة، وأحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم ﵀ "أنه- أي الطاغوت- كل ما تجاوز به العبد حده، من معبود أو متبوع أو مطاع". فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت، والعلماء - علماء السوء- الذين يدعون إلى الضلال من الطواغيت أيضًا، الذي يدعون إلى البدع، وإلى تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، أو يزينون لولاة الأمور الخروج عن شريعة الإسلام بنظم يستوردونها مخالفة لنظام الدين الإسلامي لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم، فإن حد العالم أن يكون متبعًا لما جاء به النبي ﷺ، لأن العلماء حقيقة هم ورثة الأنبياء، يرثونهم في أمتهم علمًا وعملًا وأخلاقًا ودعوة وتعليمًا، فإذا تجاوزوا هذا الحد، وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت، لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة. وأما المطاع في قوله ﵀" أو مطاع"، فيريد بهم الأمراء الذين يطاعون شرعًا أو قدرًا، فالأمراء يطاعون شرعًا إذا أمروا بما لا يخالف أمر الله ورسوله، فهم يطاعون هنا شرعًا، كما يطاعون قدرًا، فإن الواجب على الرعية إذا أمر ولي الأمر بأمر لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمور في هذه الحال، وبهذا القيد طاعة لله ﷿، ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمرت به الدولة مما تجب طاعتها فيه، أن نلاحظ أننا بذلك نتعبد لله تعالى ونتقرب إليه حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلى الله ﷿، وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك، لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: ٥٩) . وأما طاعة الأمراء قدرًا فإن الأمراء إذا كانوا أقوياء في سلطتهم، إن الناس يطيعونهم بقوة السلطان، وإن لم يكن بوازع الإيمان لأن طاعة ولي الأمر قد تكون بوازع الإيمان، وهذه هي الطاعة النافعة لهم أي لولاة الأمور، والنافعة للناس أيضًا، وقد تكون طاعة ولاة الأمور برادع السلطان، بحيث يكون السلطان قويا يخشى الناس منه ويهابونه، لأنه ينكل بمن خالف أمره، ولهذا نقول: إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أقسام: فتارة: يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني، وهذه أكمل المراتب وأعلاها، وتارة يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني، وهذه أدنى المراتب وأخطرها على المجتمع، على حكامه وعلى محكوميه، لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني، صارت الفوضى الفكرية والخلقية والعملية. المرتبة الثالثة: أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني، وهذه مرتبة وسطى، ينظر فيها أيها أكمل مما إذا قوي الرادع السلطاني وضعف الوازع الإيماني، فإنه في المظهر إذا قوي الرادع السلطاني يكون أصلح للأمة، لكن الأمة إذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حالها، وسوء عملها، لأن الوازع الإيماني ضعيف، أما إذا قوي الوازع الإيماني وضعف السلطاني فقد يكون المظهر أدنى من المظهر في المرتبة الأخرى، لكنه فيما بين الإنسان وبين ربه إذا اختفى الرادع السلطاني يكون أصلح. على كل حال هذه مراتب أربع: قوة الإيمان والسلطان وضعف الإيمان والسلطان، وقوة الإيمان وضعف السلطان وضعف الإيمان وقوة السلطان. فالمهم أننا نقول: أنه ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا بذلك نقترب به إلى الله ﷿، وإنما قال ابن القيم: " إن الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، لأن الأمير أو ولي الأمر الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله، فإذا أمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه لا سمع له ولا طاعة، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله ﷾، لأن الله تعالى جعل طاعتهم تابعة أو جعل طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله كما يفهم من سياق الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: ٥٩)، ولم يقل: وأطيعوا أولى الأمر، فدل هذا على أن طاعتهم غير مستقلة، بل هي تابعة لطاعة الله ورسوله، وقد ثبت عن النبي ﷺ أن الطاعة بالمعروف أو في المعروف، أي فيما أقره الشرع، وأما ما أنكره فلا يجوز أن يطاع فيه أي مخلوق، حتى لو كان الوالد أو الوالدة يأمرانك بمعصية الله، فإنه لا يحل لك أن تطيعهما، لأن طاعة الله مقدمة على كل طاعة، فإذا أطاع الإنسان أميره أو ولي أمره في معصية الله فقد تجاوز به حده. عقيدة المسلمين في عيسى
1 / 72