Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari
فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
Editorial
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢١ هـ
Géneros
وقد أمر الله ﷿ بالاعتذار والقول الحسن المعروف لمن لا يستطيع الإحسان بالفعل، ومن ذلك قوله تعالى ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا﴾ [الإسراء: ٢٨] (١).
فعلى الداعية أن يتخلَّق بهذا الخلق الجميل، وأن يسأل الله تعالى أن يوفقه ويعينه؛ فإنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع سبحانه.
رابعا: الرد بالحكمة على من ظهر منه مخالفة للنصوص الشرعية: ظهر في هذا الحديث الرد الحكيم من ابن عباس ﵄ على من خالفه في حكم هذه الآية الكريمة، وذلك أنه قال ﵁: " إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت. . . " ولم يصرح ولم يشهر بأسمائهم، وهذا من الحكمة التي كان النبي ﷺ يعمل بها في دعوته، فقد كان ﷺ يقول: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم». . . " الحديث (٢) «ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله». . . " الحديث (٣) «ما بال أقوام يتنزهون عن شيء أصنعه». . . " الحديث (٤) «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام». . . " الحديث (٥).
فعلى الداعية أن لا يصرح بالأسماء في دعوته للناس، ولا يواجه بالعتاب، بل يسلك مسلك النبي ﷺ في دعوته وكفى.
خامسا: من أساليب الدعوة: التوكيد بالقسم: أسلوب التوكيد بالقسم يثبت المعاني في القلوب، ويحملها على التصديق والإيمان، وسرعة التنفيذ بفعل المأمورات وترك المنهيات (٦) وفي هذا
(١) سورة الإسراء، الآية: ٢٨.
(٢) البخاري، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، ١/ ٢٠٥ برقم ٧٥٠، من حديث أنس ﵁.
(٣) البخاري، كتاب المكاتب، باب ما يجوز من شروط المكاتب، ٢/ ١٧٣ برقم ٢٥٦١.
(٤) متفق عليه من حديث عائشة ﵂: البخاري، كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب ٧/ ١٢٦ برقم ٦١٠١، ومسلم، كتاب الفضائل، باب علمه ﷺ بالله وشدة خشيته ٤/ ١٨٢٩ برقم ٢٣٥٦.
(٥) مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ٢/ ١٠٢٠ برقم ١٤٠١.
(٦) انظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " للطبري، ٤/ ٤٧، ومفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة: " قسم " ص ٦٧٠، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١٩/ ٩٠.
1 / 123