El documental: una introducción muy breve
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
الأخلاقيات
إذا كان الفيلم الوثائقي يتعهد بأن يعرض للمشاهدين تجسيدا صادقا للواقع، فهل يستطيع مخرج أمين أن ينتج فيلما دعائيا ويسميه فيلما وثائقيا؟ إن كثيرا من الصحفيين الإذاعيين يعتبرون أن إبرام عقد مع الحكومة بمنزلة تدمير لحياتهم المهنية. يقدر المخرجون المستقلون أيضا استقلاليتهم عن الإملاءات والرقابة الحكومية، وفي الوقت نفسه، تتكسب الكثير من شركات إنتاج الأفلام من أعمال وثائقية تدريبية وترويجية للحكومات، على الرغم من اعتبار تلك الأعمال عادية وخالية من الإثارة بوجه عام.
غالبا ما كان المخرجون في زمن الحرب العالمية الثانية يعتقدون أنهم لا يملكون الحق في إنتاج أفلام دعائية فحسب، بل هو التزام واجب عليهم، فقد كان جريرسون يؤمن بأن المفكرين عليهم التزام بالعمل من أجل مجتمع قوي وموحد على أن يظل مفتوحا في نفس الوقت. وكما أوضح آنذاك: «بتعبير بسيط: الدعاية هي التعليم. إن «المعالجة» في أفلامنا تجمع الجماليات مع أفكار الإصلاح الديمقراطي. نحن معالجون استؤجرنا للقيادة والتوجيه، فنحن نقدم لكل فرد تصورا حيا للمجتمع الذي يملك امتيازا خاصا لخدمته.» وكان التوفيق بين الاثنين هنا حقيقة قاسية وميزة أيضا، وقد قال ذات مرة عن غياب الصراعات الطبقية في مشروعاته الحكومية: «القاعدة الأولى في صناعة الأفلام هي ألا تضرب اليد التي تمسك بالمحفظة.»
لم ير فرانك كابرا تناقضا في العمل لمصلحة الجيش الأمريكي، على الرغم من أنه غالبا ما كان يغضب من الصعوبات ويحبط من الطلبات المتضاربة من السلطات العسكرية. لقد وضع كابرا مواهبه وكله فخر في خدمة محاربة الفاشية مثلما فعل العديد من مواهب هوليوود الرائدة، الذين كان لدى بعضهم معتقدات سياسية يسارية وكانوا يعتبرون الفاشية التهديد الرئيسي لبناء مستقبل أكثر عدالة على الصعيد الاجتماعي. وبعد الحرب، قدم المنتج والكاتب السينمائي ستيوارت شولبرج سلسلة من الأفلام الوثائقية للترويج لمشروع مارشال للإعمار الاقتصادي الأوروبي.
على الجانب الآخر، وهو جانب الإخفاق، وجدت ليني ريفينشتال، التي قضت أربعة أعوام في برنامج لاستئصال النازية بعد الحرب العالمية الثانية، أن ارتباطها بهتلر قد وصمها لما تبقى من حياتها، وقد حاولت أن تجادل بأنها كانت تقدم فنا وليس دعاية لا أكثر، ولكنها أجبرت على تقديم أفلام دعائية. وحتى وفاتها عن عمر يناهز 101 عام في 2003، ظلت مصرة على أنها لم تكن يوما نازية، وأنها لم تكن تملك خيارا سوى العمل لحساب هتلر، وأنها كانت فقط تقدم أجمل عمل يمكنها تقديمه تحت تلك الظروف.
الإرث
لا تزال الدعاية - التي تعرف أيضا بالمعلومات المضللة، والدبلوماسية العامة، والتواصل الاستراتيجي - تشكل أداة مهمة لدى الحكومات، ولكن لم يعد الفيلم الوثائقي القائم بذاته جزءا مهما من حملات العلاقات العامة الموجهة للجمهور العام. وعلى الرغم من ذلك، فالدعاية الحكومية كانت محط انتباه المخرجين الوثائقيين، كما في فيلم الشئون العامة الوثائقي التليفزيوني «بيع البنتاجون»، وفيلم «المقهى الذري» (1982) لجين لودر وكيفين وبيرس رافيرتي، وهو نظرة ساخرة للدعاية الحكومية عن العصر النووي، وفيلم «بيكيني المشعة» (1987) لروبرت ستون عن حملة العلاقات العامة الحكومية غير العادية التي صاحبت تفجير أول قنبلة هيدروجينية.
ازدهرت مؤسسات الدعاية الحكومية التي أنشئت خلال الحرب في وقت السلم، فقد بدأ المجلس القومي للسينما بكندا خلال فترة الحرب، وساهم دعم الحكومة اليابانية للأفلام الدعائية خلال الحرب العالمية الثانية إسهاما كبيرا في توسيع نطاق المجال وتجهيزه لإنتاج ما بعد الحرب ذي التمويل الخاص.
إن دعاية جيل هي كنز دفين لجيل آخر، فقد أصبحت أرشيفات الجرائد السينمائية، والأفلام الوثائقية، والأفلام التدريبية، وغير ذلك من مشاهد الواقع المصورة موردا للأفلام المجمعة والمسلسلات التليفزيونية فيما بعد؛ فعلى سبيل المثال، اعتمد المسلسل التليفزيوني الأمريكي «انتصار في البحر» (1952-1953) اعتمادا كبيرا على مواد فيلمية لسلاح البحرية. اعتمدت الأفلام الوثائقية التي تتناول الحرب العالمية الثانية والتي تعرض على القنوات المشفرة أيضا، على مشاهد ذات ملكية عامة تابعة للحكومة من الحرب العالمية الثانية، وازدهرت شركات خاصة من خلال تصنيف وفهرسة المواد الحكومية الأمريكية. تتيح شركة برلينجر أرشيفز أيضا الأفلام الحكومية في صيغة رقمية مجانية قابلة للتحميل عبر الإنترنت.
وعلى الرغم من أن الأفلام الوثائقية لم تعد الوسائل الأساسية للدعاية الحكومية، لا تزال الحكومات تستثمر في السينما والفيديو لغرض مختلف تماما؛ المراقبة والرصد. ويمكن لهذا النمط واسع الانتشار أن يصبح مادة خام للمخرجين الوثائقيين أيضا؛ ففي أوروبا الشرقية، وبعد سقوط حائط برلين في عام 1989، أصبحت أرشيفات الحكومة مادة خام للأفلام الوثائقية التي تعيد تمحيص التاريخ. في فيلم «الأشرطة السرية» (2002) للمخرج البولندي بيوتر موراوسكي، يستعيد المخرجون الذين كانوا يعملون لدى الشرطة السرية ذكريات أعمالهم، وكان التعليق مركبا على مشاهد من علبة كرتونية مهملة بغير قصد. تنبع الكوميديا الماكرة للفيلم من حنين المخرجين الواضح لوظائفهم السابقة. كذلك عرضت تسجيلات الرشا غير القانونية لرئيس الاستخبارات البيروفي فلاديميرو مونتيسينوس بالتليفزيون، وهو ما أسفر عن الفيلم الوثائقي اللاذع «الجاسوس» (2002) لسونيا جولدنبرج.
Página desconocida